Sunday, February 7, 2016

سيلفي مع الزبّال


في الشرق الاوسط، بلاد الامجاد والحضارة الزائفة، وتحديدا في الخليج، نعاني من الافلاس، شخص يركب سيارة فخمة ليذهب الى عمله، وهو مفلس، رصيده في البنك بالآلاف، ولكنه مفلس! يدخل الى عمله لينادي عامل النظافة الآسيوي، الذي لا يتجاوز دخله قيمة الملابس التي يرتديها هذا الرجل المفلس، يطلب منه تنظيف المكتب، عمل القهوة ومن ثم يرسله الى المطعم او البقالة ليشتري له سجائر او طعام الافطار، ورغم ان هذا ليس من صميم عمل موظف النظافة، الا انه يقبل بذلك وينفذ هذه المهمة، املا في ان يعطيه هذا الموظف المفلس باقي النقود.

هو مفلس، رغم كل هذه الاموال، قيمته واحترامه الذي يكسبه في مجتمعه تحدده سيارته، تحدده ملابسه وهاتفه، تحدده منطقة السكن، كلها أمور يحددها المال، فإذا جردته من المال، استطعت ان ترى الحقيقة، انه مفلس، لذلك تجده دائما ما يستخدم المعطيات السابقة لتحقير الطرف المقابل، لو كان الشخص متعلما، فسيارته يابانية الصنع، لو كان الشخص محترما، فهو يسكن في منطقة فقيرة.

وعدوى النرجسية هذه تنتشر بشكل كبير وخطير، وذلك لاننا نريد كل شيء بسهولة، لا نريد ان نتعب، نحب الراحة اكثر مما نحب الانجاز، ونفضل قطع جزء من جهازنا الهضمي، على ممارسة الرياضة، وليس هناك اسهل من التفاخر بالطبقية لاعطاء هذا الشعور المزيف بالرضا عن النفس.

قديما كان الناس يستعبدون بعضهم البعض، والى عهد قريب، قد يستطيع جدك ان يحدثك عن الاستعباد وبيع البشر، وهي احد اسوأ ما فعله البشر في تاريخهم، فكانوا يستعبدون الناس ويسلبونهم ابسط حقوقهم الانسانية، دون اي حرج او اي خدش لمفهوم الاخلاق لديهم، ولا ازال اعلم في قرارة نفسي، ان هناك بشرا يرغبون بعودة زمن العبيد والاسترقاق وبيع البشر، ليشبع نقصه وافلاسه دون ان يتعب او يجتهد.

غير ان زمن العبودية انتهى، ورغم انه لا يزال موجودا في بعض الدول، الا ان منظمة الامم المتحدة تكفلت بانهاء هذا النظام في الشرق الاوسط على الاقل، الا اننا نمارس العبودية مع بعضنا البعض، وصل الأمر في ان يستفتي البعض في جواز جماع الخادمة باعتبارها ملك يمين! شخص يقبل رأس عامل النظافة في الشارع ولسان حاله يقول "صوروني وانا اقبل رأس هذا الشخص الأقل مني، انا متواضع"، استفيقوا يا اعزائي، فلو عاد زمن العبودية فلن يكون هناك عبيد غيركم، فانتم مفلسين.

No comments:

Post a Comment