Tuesday, November 10, 2015

ابن العاهرة

هي عاهرة، كل المجتمع يراها كذلك، رغم انها نتيجة خطيئتهم، تخرج مرتدية ثياب الشرف بعد انتهائها من العمل، بعد ليلة حمراء قضتها مع زبون يردد على اسماعها تلك الكلمة ليشبع غريزته، هي بالنسبة له ليست سوى جسد بلا روح، ولكن هل دفع لها ما يكفي حتى ينكح جسمها وروحها بنفس الوقت؟ ليس هناك مبلغ كافي يستطيع ان يمسح دمعتها بعد ان انتهى ذلك الخنزير من اذلالها، ليس هناك ما يدفعها للاستمرار سوى ابنها الذي ترتشيه بالدمى والالعاب حتى يبتسم، ابنها الذي لا يصادقه احد، ولا يحبه احد، ويحذر كل الاباء ابنائهم من اللعب مع ذلك الطفل الصغير..ابن العاهرة.

لا ذنب لذلك الطفل في ما تفعله امه، ولكنه واقعي، يعلم تماما ان المجتمع لن يغفر له، لو اصبح طبيبا يعالجهم، فهو ابن عاهره، لو اصبح استاذا جامعيا، فهو ابن عاهره، ولو اصبح اشرف شريف وباع نفسه من اجل معاييرهم المتوارثة، فهو لا يزال ابن عاهره، ولكنه ذكي وعرف كيف يجبرهم على ان يغفروا له ذنب امه، هل من احد يستطيع ان يقول للقسيس: صباح الخير يا ابي، يا ابن العاهرة؟

قد تعتقد ان من يصيغ لك مبادئك هو استاذك، او امك او ابوك او طبيبك، او حتى المصرفي الذي يستولي على اموالك، ولكنك مخطئ تماما، من يصيغها لك هو من يملك احلامك دون ان يحققها لك، فلماذا يرغب الطبيب في ان تتعالج من مرضك، اذا كنت تدفع له باستمرار ليطعم اطفاله؟

لبس القسيس اجمل ثيابه، بهرجة لا يضحك على شكلها الا الاطفال والمجانين، وينحني امامها الكبار، صعد على المنبر واخذ يخطب، من اعطاكم الحق لتحددوا مفهوم العهر؟ هل تريدون ان احرمكم من احلامكم؟ اعلموا ان لكل امراة الحق في ان تستخدم جسدها كما تشاء، فإن اردت ان تسلبها شرفها؛ سلبت انا حلمك منك.

إما الشرف او الاحلام؟ قرار صعب الاتخاذ لو كانوا حيوانات، ولكنهم بشر، باعوا الشرف مقابل الاحلام، خرجت النساء في تلك الليلة بلا ثياب، ونام الرجال والابناء في تلك الليلة بعد ان اصبحوا ازواجا لعاهرات، اخوانا لعاهرات، وابناء لعاهرات، وكان اشرف شريف فيهم هو الاب..ابن العاهرة.

Monday, September 7, 2015

أغاية الدين ان تحفوا شواربكم...

طرح عليَّ كثير من التساؤلات، الغرض منها الاستخفاف والتحقير اكثر من البحث عن اجابة فعلية، مجتمعنا يعشق النرجسية حتى لو كان سببها ماليس لنا يد فيه، مثل الاصل او العرق او الدين او الجنسية..الخ، وان لم يستطع الفرد الحصول على تلك الجرعة فسيسعى الى تحقير الطرف المقابل من اجل الحصول على تلك النشوة.

احب كثيرا النقاش، ولكن اغلب من يطلب النقاش هو شخص لا يقرأ، ينسحب او يحاول التحقير والتسفيه غالبا، حفظت تقريبا كل الاسئلة التي يسألونها لي والتي تتكرر بشكل يومي، تختلف طريقة التقديم ولكن الفكرة واحدة، يعتقدون انها جديدة ومنطقية ونتاج تفكيرهم الشخصي، رغم ان جولة سريعة في اليوتيوب تؤكد لك انهم مجرد ببغاوات.

بعض الاسئلة تستحق الاجابة احيانا، حتى ولو بدت للوهلة الاولى سطحية، فطريقة فهم السؤال والوقوف على الحياد سيكشف الكثير، احد هذه الاسئلة التي تطرح: ماذا قدم الملحد العربي، سواء في المجال العلمي او النفسي او الفلسفي..الخ؟

الاجابة على هذا السؤال بسيطة وهي: انا لست مطالبا بتقديم شيء في احد تلك المجالات، ولم ادعي يوما قدرتي على التميز في احدها بسبب افكاري.

ولتبسيط الاجابة سأعطيك مثالا: هل يعقل ان تسأل شخصا نباتيا (لا يأكل اللحوم) ماذا قدم في مجال الزراعة؟ اعتقد ان الصورة اتضحت الآن، المشكلة هي ان الطرف المقابل هو من يدعي ان المنهج الذي يطرحه سيقدم حلولا في شتى المجالات، وهو امر غير صحيح بنفس القياس السابق، لكنه يقدم مغالطة منطقية يقتصر فيها التوصل الى حل على منهجه او المنهج المضاد له، متجاهلا (بقصد او بدون قصد) وجود خيارات اخرى.

هناك الكثير من المؤمنين العباقرة في مجالهم، والكثير من اللادينيين الحمقى، والعكس ايضا، لكن لاحظ ان اساس المشكلة في السؤال هي كلمة "العربي" وهي مربط الفرس هنا، وعندما اقول العربي أقصد بها الثقافة العربية باعتبار كل من يتحدث العربية جزء منها.

العادات والتقاليد لدينا أقوى من الدين، قد ترفض هذا الطرح ولكنه الواقع، البدوي الذي يقول لك (الموسيقى حرام) تجده لا يتحرج من العزف على الربابة وتلحين الاشعار ويتلقى الاعجاب والتصفيق ممن حوله، الفتاة التي يطلب اهلها منها ان تتحجب تكتفي بتغطية رأسها حتى ولو كانت ترتدي ملابس ضيقة وتضع المكياج، التشريعات الدينية التي لاقت قبولا اصبحت عادات وتقاليد، وتأثيرها اقوى بكثير من تأثير الدين، تخيل انه شرعا يجوز للمرأة طلب الاجرة مقابل ارضاع ابنها (على مذهب احمد والشافعي، وليس موضوعنا التأصيل الشرعي انما على سبيل المثال فقط)، لو سمعت ام زوجها العجوز بهذا الكلام، وتم مواجهتها بالادلة الشرعية، هل تعتقد انها ستقبل هذا الكلام، ام سيقابل هذا الطلب بالاستهجان والرفض؟ وليس فقط من ام الزوج بل من المجتمع بشكل عام، ولكن ان اصبح طلب اجرة الرضاع عادة لدى النساء، فسيختلف الموضوع، والمثير للسخرية ان قبول هذه العادة سيكون وقتها مقترنا بطاعة الله ورسوله والخضوع لاحكام الشرع، والنقطة الاخيرة قد تحتاج بعض التشعب ولكننا لسنا بصدد مناقشتها.

الانسان العربي يعاني من النرجسية، ويعاني من قيود المجتمع التي لا تجعله يتصرف كما يشاء، بل كما يشاء الآخرون، انت جزء من القطيع وليس لك حرية الاختيار الا وفق ما يناسبهم، وهو برأيي المعوق الأول للابداع في اي مجال، كم شخص منا سمع والده يقول له: اريدك ان تصبح طبيبا لترفع رأسي امام الناس، هل تعتقد عزيزي القارئ ان هذا الاب سيرفع رأسه امام الناس اذا اصبح ابنه طبيبا بيطريا؟

هذا الانسان الذي يعجز حتى عن ارضاء ذاته، يعجز ان يكون "هو"، كيف يستطيع ان يرضي الآخرين؟ بل كيف يستطيع ان يتسلق قمة هرم الاحتياجات وكل هذه القيود تجذبه الى الاسفل، لاعجب ان يجد هذا الشخص نفسه مفلسا في كثير من النواحي، فلا يجد شيئا يفتخر به سوى ما منت به الصدفة الزمكانية عليه: أصله، عرقه، دينه، جنسيته..الخ

الحل في الحقيقة ليس في ترك الدين او التمسك به، امقت وبشدة من يروج للالحاد او ترك الدين واعتقد انه امر غبي، الحل هو علمانية الدولة وليبرالية المجتمع، وهو ما يرفضه المجتمع العربي ايضا بدافع العادات والتقاليد، والتي يكون الدين جزء منها، فيخرج تاجر الدين ليعارض هذه الافكار ولا يتسبب الا في زيادة رصيده البنكي ومركزه الاجتماعي، وتأخير تقدمنا الذي يلومنا هو -وبكل وقاحة- عليه.

لدي صديقة امريكية تعمل في الرياض، تتعجب من أن بعض الغربيين الذين عاشوا فترات طويلة هناك قد تأقلموا مع البيئة الخليجية، ولكن بشكل سلبي للاسف، تقول (واقتبس كلامها) اختلف عندهم حتى مفهوم الاخلاق والخطأ والصواب بالنسبة لهم، كونوا عادات سيئة جدا، ووصل بهم الامر انهم ينظرون الى الاسيويين والهنود بنظرة دونية (انتهى الاقتباس)، اذا كنت تعتقد ان هذا التأثير يتجه بخط واحد فأنت مخطئ تماما، لاحظ التغيير الذي يحصل على المبتعثين لدى الدول الغربية، والذي اعتبره في كثير من الاحيان تغييرا ايجابيا، ولكنه يضمحل شيئا فشيئا الى ان يكاد يختفي متى ما عاد الانسان الى بيئته السابقة.

لذلك اقول لك: المشكلة ليست مشكلة عقائدية، انما مشكلة البيئة، انت مؤمن وانا ملحد، ولكن كلانا انسان، لست عدوك ولم اتسبب لك بضرر، ورغم هذا فقيودي اعظم بكثير من قيودك.

Friday, August 21, 2015

استقلالية الجمال الداخلي


برايي الشخصي: اذا اردت ان تعرف اخلاق البشر في مكان ما، اقترب من الحيوانات.
واعني ذلك حرفيا، اذا كانت الطيور والقطط تألفك وتقترب منك فهذا دليل ان البشر يعاملون تلك الحيوانات بشكل جيد، وقد يتعجب البعض عندما اقول ان اسمى البشر هم من يعاملون الحيوانات برفق ومحبة، فهم لا ينتظرون منها شكر او تقدير او ان ترد لهم المعروف يوما ما، بل يفعلون ذلك بدافع الحب وهو احد اجمل الاخلاقيات التي قد يتحلى بها البشر.

وعلى النقيض من ذلك، فلا قيمة لاخلاقك اذا كنت تنتظر ثوابا مقابل ان تكون انسانا صالحا، يجب ان تكون الاخلاق نابعة من ذاتك، ان تكون قناعة ونظرة جميلة للحياة، اذا كنت تنتظر الثواب فانت مثل الطفل المزعج الذي يحسن التصرف في وجود الضيوف لان امه وعدته بقطعة من الحلوى، هو مجرد تمثيل، اختلفت المكافأة ولكن المبدا لم يختلف.

اسأل نفسك هذه الاسئلة: ماهي الاخلاق وماهي المرجعية المقبولة لها، لماذا تختلف من مجتمع لاخر، بل حتى من زمن لآخر؟

فكر لوحدك واستنتج لوحدك، في النهاية هي قناعة يجب ان تصل اليها وليست تمثيلية تقوم بها منتظرا قطعة الحلوى..

تحياتي

Thursday, April 30, 2015

المؤامرة الكبرى ضد الاسلام والمسلمين والهوية الاسلامية

صباح/مساء الخير بحسب وقت قرائتك لهذا المقال.

جميع ما سيتم ذكره في هذه المقالة هي آراء شخصية مالم اذكر خلاف ذلك او اذا لم اذكر مصدرا لمعلومة، ويحق للجميع رفضها او قبولها. 

في حسابي على تويتر، والذي اهملته كثيرا في الفترة الاخيرة حتى تم عمل حملة "ريبورت سبام" وتم وقفه، كانت تصلني رسائل كثيرة من الشباب والبنات المسلمين، تتنوع بين محاولات لاختراق الحساب، او دعوة بالهداية او طلب للنقاش وتصل الى التهديد بالقتل.

احدهم كان شابا مصريا، وكان يتضح جيدا من اسلوبه الغاضب انه غيور على دينه، وعلى قيمه المكتسبة التي ترسخ في عقله، صامدة جدا لا تحركها الزلازل الفكرية مهما كانت درجتها، اخذ يشتم ويدعو علي، ولم تسعفه المئة وستون حرفا ليكمل شتائمه، فكتب كلمة اخيرة قبل ان يعمل لي حظر، وهي كلمة لاحظت تكرارها كثيرا جدا، قال لي: معروف ماهو هدفك، ولكن الاسلام باقٍ ولو كره الكافرون.

لماذا اكتب؟ لماذا اعبر عن آرائي؟ باعتقادي الشخصي ولا اجزم، ان هؤلاء الاشخاص يعتقدون ان هدفي هو التبشير باللادينية وبالالحاد تحديدا، وهدم الدين الاسلامي، او تضليل الشباب المسلم وقتل الهوية العربية، ويبررون دوافعي بانني اتلقى اجرا مقابل ذلك، وغالبا تشير اصابع الاتهام الى اسرائيل.

لذا قررت تخصيص هذه المقالة لشخصي ونقد شخصي، وتوضيح بعض الامور التي يجهلها الكثير عني، اولها انني لا اهتم بالنقد اذا كان موجها بهذه الطريقة، رغم انني اعشق ان يوجه لي نقد حاد، فهي فرصة عظيمة للتصحيح وتعلمت بالطريقة الصعبة انه لا يجب علي ان اضيع تلك الفرص، ولكن غالبا هؤلاء الاشخاص لا يعرفونني، قد لا يستطيع مجاراتي بالفكر فيلجأ الى احد الحيل النفسية الدفاعية وللمغالطات المنطقية بقصد او دون قصد، لتبسيط الفكرة بالنسبة له، ثم نقدها بشكل مبسط ويسير ومريح، وغالبا جدا ما يكون النقد موجها الى شخصي 

هل هدفي هو المال؟ 

ما لا يعرفه البعض انني كويتي، ولا اقصد بذلك التعالي او التفاخر بقدر ماهو توضيح لحقيقة انني لا احتاج الى المال، وعندنا اموال "زي الرز" واعيش حياتي برخاء ولا اعاني من القصور المادي بأي شكل من الاشكال، اعيش في منزل كبير وامتلك عدة سيارات ودراجات نارية واسافر سنويا عدة مرات، المشكلة ليست مادية ولكن العقل البسيط يجهل ماهو امامه، والانسان عدو ما يجهل، فيهاجم بأي طريقة كانت.

فهل هدفي هو هدم الدين؟ 

المثير للاهتمام هو ان كثيرا من افراد عائلتي يعتقدون ان ما ينقصني هو الصلاة فقط! ويرددون على مسامعي هذه الجملة كلما دخلت في نقاش ديني معهم "دامك تعرف الدين، ليش ما تسجد لربك؟!"
والدتي امرأة جاوزت منتصف الخمسينات من عمرها، ازداد تدينها في العشر سنوات الاخيرة، واستبدلت اشرطة الكاسيت في سيارتها بالمحاضرات الدينية والقرآن، يخفى على من اتهمني بمحاولة هدم الدين، انني اشتري لوالدتي احيانا اشرطة لقراء -وقد تستغرب عزيزي القارئ- استمع انا لهم وتعجبني تلاوتهم، مثل الشيخ عبدالباسط والمنشاوي والشاطري وغيرهم، ومصحفها الضخم الذي تقرأ منه القرآن يوميا، اشتريته انا لها ليسهل عليها القراءة بعد ان ضعف بصرها، وعلمت ثلاثة اشخاص ايضا كيفية تلاوة القرآن بالمقامات، واستمتع كثيرا بقراءة كتب السيرة واصول الفقه والتراجم وعلوم الحديث، وتحتوي مكتبتي الالكترونية على كتب دينية اكثر من الكتب الفلسفية والعلمية والاخيرة هي الاكثر ندرة لدي رغم اهتمامي الشديد بمتابعة اخبارها.

اذا، بالتأكيد هدفي هو نشر الإلحاد 

الالحاد بحد ذاته هو انتفاء حالة، ولكن يتم تصنيفه كحالة لتسهيل دراسته ونقده، تخيل انك بين مشجعين لنوادي كرة القدم، وتدير ظهرك عنهم لانك لا تشجع أي فريق، وهي كحالة لا يمكن بأي حال من الاحوال الوصول اليها دون قناعة شخصية، وهذا يعني ان مشروع "التبشير" بالالحاد هو مشروع فاشل، فهو موقف فكري وليس دين كما يعتقد الكثيرون خطأً، وعلى عكس الاديان التي يمكنك دخول الكثير منها بسهولة تامة قد لا تتجاوز احيانا الايمان بالفكرة، وبترحيب شديد من اتباعها مصحوبا بالارشاد والتوجيه، هذه القناعة الفكرية لا يمكن الوصول اليها بالدعوة والارشاد انما هي مرحلة يصل اليها الشخص بنفسه، وصدق او لاتصدق انك قد تصل اليها يوما ما كما وصلت لها انا الذي لم اكن اتخيل يوما من الايام ان اصبح مثلهم وكانت ترعبني وتغضبني الفكرة واهاجم اتباعها بقسوة اشد مما يهاجموني بها الكثيرين الآن، ولكن ان وصلت لهذه المرحلة فبالتأكيد لن يكون عن طريقي او عن طريق ريشتارد داوكينز او كريستوفر هيتشنز او سام هاريس او غيرهم، يمكنك الحصول على المعلومات، ولكن كل المعلومات معرضة للنقد وقابلة للصحة او الخطأ ولن يساعدك احد سوى عقلك، ولن يعتمد هذا الشخص الا على نفسه في تحليله النقدي لهذه المعلومات.
والمثير للسخرية انني كملحد لا استفيد معنويا اي شيء اذا اصبح شخص آخر ملحدا مثلي، ليس لدي ميزان حسنات ارتجي ترجيح كفته، ولا تزرع لي نخلة في الجنان اذا كفر احدهم بدينه، ولن يؤثر ذلك في حياتي اليومية مطلقا لا بشكل سلبي ولا ايجابي.

فأذا كان لي هدف، فما هو؟ 

على المستوى الشخصي:
لن اكذب واقول ان النتيجة الفكرية التي انا فيها تعجبني، ولن اقول بان جميع الاسئلة التي ابحث عنها قد وجدت لها اجابات، وكم اتمنى بصدق وبشدة ان اكون مخطئا، احب الحياة كثيرا واتمنى ان اعيد التجربة بعد الموت، ولكن امنياتي ورغباتي الشخصية هي مجرد عاطفة لن تتسبب لي سوى بالانحياز، وابقيها في مكان بعيد عن متناولي عند قرائتي وتعلمي، فأطرح افكاري على الطاولة، واترك للجميع حرية تفحصها وتقليبها او حتى جرحها، فمتى ما وجدت انها خاطئة تركتها فورا، فلا يمكن لشخص ان يتعلم اذا كان يدافع عن افكاره ويحتضنها بشكل عاطفي كما يحتضن ابنته الصغيرة، دون ان يكون هو اول من ينتقدها ويعرضها للنقد ويقسو عليها.

على المستوى العام:
اول امر هو اثبات وجود، نعيش في مجتمع لا يهتم ولن يعالج المشاكل التي لن يراها فأصبح مجتمعا ذو فكر قمعي، والفكر القمعي سبب لي ألما شديدا، حرمني من شريكة حياتي لعدم وجود قانون يسمح بالزواج المدني، رغم ان الزواج بالنسبة لي هو مجرد ورقة احتاجها لتقيم حبيبتي معي في نفس الدولة، الا انني حرمت من ذلك ايضا، ماذا كان ذنبي؟ انني كنت مختلفا، ولا احد يهتم بالمختلفين، ورغم انني ادرك جيدا ان كل ردة فعل ناتجة عن عاطفة هي ردة فعل متطرفة، الا انني وضعت العاطفة جانبا وقسوت على نفسي حتى اصل لنتيجة ترضي عقلي الذي لا يرضى بسهولة، لذلك فانا ادعو الى ليبرالية المجتمع وعلمانية الدولة، وهما نتاج نضال فكري انساني جميل ولكنه للاسف سيء السمعة في بلادنا، فيعتقد الكثير ان هذان المفهومان ليسا سوى دعوة لنزع القيم الدينية لدى الافراد ومحاربة الدين بشكل عام، رغم ان المنادين بهذين المفهومين عندما يفعلون ذلك فقد تجردوا من القيم التي يدعون اليها، وسقطت العلمانية ومعها الليبرالية، والعكس صحيح..والعكس هو الواقع.

اعتذر على الاطالة

Monday, April 20, 2015

المذكرات السوداء لملكة بيضاء

"انتِ ملكة، معززة مكرمة في بيتك، ما تطلعين الا معاك من يساعدك ويخدمك، وترى انتي بنعمة محسودة عليها، وكل البنات يتمنونها، قومي يا بنيتي الله يهديك بس وحطيلي الغدا، وخذي الزبالة وديها برة"
يعتقد انني غبية، يخدعني بهذه الكلمات الرنانة، انا ملكة؟ كم اتمنى ان اخلع هذا التاج اللعين الذي وضعوه على رأسي قهرا، كم اتمنى ان اخنق والدي المسن بامعائه، واخرج عارية الصدر الى الشارع واصرخ: انا جارية فمن يشتريني، واخرج من زنزانة والدي الى زنزانة مالكي، الذي لن يصونني كما يفعل والدي، فهو لا يعتبرني شرفا ولن يضع ذاك التاج اللعين على رأسي، فلا شك لدي ان الجارية المملوكة اكثر حرية من الحرة.
لكن بعد هذا العمر، وبعد ان اصبح الناس يصفونني بالعانس، وبعد ان غلبني الشحم فلم يعد للرجال رغبة بي، اضطر الى تغطية نفسي عندما آخذ القمامة لارميها في الحاوية التي امام بيتنا، حتى لا ينظر الي احد بشهوة، هل مسموح لي ان اكتب قصتي على جبيني؟ حتى ينظر الناس الي بنظرة اشفاق، لعلهم يرحموني بعد ذلك، ولكن حتى جبيني عورة، ولا يهم شيء سوى لحمي الابيض، فأنا كالحلوى المغطاة، انتظر رجلا يتذوقني ثم يعيد تغطيتي، ويعيد الكرة حتى تنتهي الحلوى، ولا يبقى سوى الغطاء الذي تجعد معي، وأصبح تماما مثل كيس القمامة الذي احمله.
الى متى اعيش هذه الحياة؟ اصحو من نومي كل يوم لاطبخ الطعام لأبي، ثم اعود الى غرفتي النتنة المظلمة، ليس فيها الا مصباح واحد يتدلى من السقف كالحبل السري، ولا ارى نور الشمس فيها الا من خلال فتحة المكيف الصغيرة التي يدخل منها الغبار اكثر مما تدخل فيها الحياة الى غرفتي، اعلم جيدا انني نكرة، لا احد يعرفني، كل من يعرف ابي يعلم ان لديه بنات، لكن كم عددهن؟ ما اسمائهن؟ لا احد يعلم، رغم انني الكبرى ولكنه لن يسمي نفسه "ابو دلال" فأنا عورته وشرفه، بل يتسمى باسم اخي الصغير الذي يدمن شم الصمغ وسرقة مفاتيح سيارته اثناء قيلولته، الذي يلعنه كل من في حارتنا، كما العن انا حظي الذي اختار لي ان اكون انثى.
لا يواسيني الا حبيبي، او هكذا اسميه حتى تكون الكذبة اجمل، فلا يبقيه معي الا انني ارسل له صوري بحسب طلبه، بملابس او دونها، والتي اعلم ان جميع اصدقائه قد شاهدوها ايضا، حبيبي الذي لن يتزوجني، فأنا في نظره قد خنت اهلي عندما تعرفت عليه، فما الذي يمنعني ان اخونه، رغم ان هذا الكلب لا يجيد حتى الكذب عندما يقوم هو بخيانتي في احضان الروسيات، ويخبرني انه سيذهب الى البحرين لمشاهدة السينما والتسوق، وتتعجب مني صديقتي عندما اقول لها ان هذا الوضع هو الافضل، فهو اما انه سيرحل يوما ليتزوج فتاة لا يعرفها، اختارتها امه او اخته له، او سيتزوجني ليجعل من حياتي جحيما آخر، فلا يتبدل فيها الا الزنزانة وحاجتي الى حلاقة الشعر باستمرار، وقد يكون قلب أبي أحن الي من قلب زوجي، ولن اكون بالنسبة له الا قطعة من اثاث البيت، او ماكينة تفريخ لانتج ذكورا وضيعين مثله، او اناثا بائسات مثلي.

نعم، انا ملكة.

Thursday, March 26, 2015

نار العلمانية وجنة الثيوقراطية

صباح/مساء الخير بحسب وقت قرائتك لهذه المقالة.

الثيوقراطية هي باختصار الحكم الديني، ومشاعرنا للاسف دائما تدفعنا للتحيز ضد اي مصطلح يتصادم مع مصطلح الدين، ولا عجب في ذلك ان عدنا للوراء وشاهدنا كيف تم غسل ادمغتنا وحقن ثقافة الترغيب والترهيب في عقولنا كأطفال، والترغيب والترهيب هو اسلوب تربوي معتمد عموما ولا بأس به، ولكن ما اقصده هو المغالاة والتطرف في استخدام هذا الاسلوب، فمنذ ان دخلنا المدرسة كانت المناهج الدينية تنتظرنا، وتحدثنا عن امور لا نفقهها كأطفال، وتدرجت معنا كلما كبرنا واصبحت شيئا فشيئا حقائقا مترسبة منقوشة في عقولنا، فأصبحت حياتنا تتمحور حول الدين، نحبه ونخافه في نفس الوقت، نبحث فيه حتى عن سفاسف الامور، وتصل حتى الى امكانية ان تدخل هاتفك الذي يحتوي المصحف معك الى دورة المياه.

ومع تشعب العلوم الدينية وتكاثرها، وقلة اهتمام الناس في دراستها وتعلمها لعدم وجود امور فنية فيها يمكنها ان تخدمك في الحياة كتعلم الزراعة او الطب على سبيل المثال، كان أغلب الناس يتركون دراسة تلك العلوم الى امور اخرى لتكسبهم قوت يومهم، ثم يلجأ الناس الى الى الشيخ الذي درس تلك العلوم الشرعية، ليفتيهم في امور دنياهم، وشيئا فشيئا اصبح الشيوخ ينافسون الملوك والحكام في سيطرتهم على عقول الناس، وعلى ما في داخل انفسهم حتى ولو اظهروا عكس ذلك، فالشيخ يتكلم باسم الله، ولا رغبة للانسان العامي البسيط الا ان يرضي الله، فينال جنته ويتجنب عقابه.

ولست اطرح امرا جديدا ان قلت ان كثير جدا من المسلمين يرغبون بعودة الحكم الديني والخلافة الاسلامية، فكثيرا ما دغدغت مشاعرهم اقوال الخلفاء كقول الرشيد للسحابة "امطري حيث شئت فسيأتيني خراجك" في اشارة الى توسع مملكته، او قول عمر بن عبدالعزيز والذي يعتبره البعض خامس الخلفاء الراشدين لما فاض المال في بيت مال المسلمين في عهده "انثروا القمح فوق رؤوس الجبال، حتى لا يقولوا جاع طير في بلاد المسلمين"، وتقدم المسلمين العلمي والثقافي وقصص اختراع الصفر وتدريس كتب علماء المسلمين في جامعات اوروبا وكيف كانوا اسياد زمانهم، فبعد ان يسمع الانسان البسيط تلك القصص، وينظر الى حال ما يعتبرها امته، يشعر بالحزن الشديد لوجودهم في القاع بعد ان كانوا يوما من الايام أسياد الارض، وما لا يدركه هذا الانسان البسيط هو ان تقهقر المسلمين وتخلفهم عن الركب لم ينتج فجأة بعد سقوط الخلافة العثمانية التي اطلق مصطفى كمال رصاصة الرحمة على رأسها، بل ان الدول الاسلامية لم تكن متقدمة بسبب تحكيم الدين اصلا.

اكثر ما يضحكني هو الادعاء بأن المسلمين اخترعوا الصفر، بينما كل ما حدث هو انهم نقلوا ما وجدوه في كتب الهنود دون امانة علمية، علما بان اول من اخترع الصفر ليس الهنود اصلا ولكن كان من اختراع شعوب المايا بزمن يصل الى سنة 36 قبل الميلاد، اما من يصفونهم بالعلماء فالكثير منهم تم اتهامه بالزندقة والكفر مثل ابن سينا والرازي وابن رشد وغيرهم، الا ان تراخي الخلفاء في تطبيق الاحكام هو ما اعطى المجال لهؤلاء الاشخاص بممارسة حياتهم بشكل طبيعي، واعطاهم مجالا للابداع والاكتشاف، ثم يدور الزمن ويحسبون كنقطة ايجابية في تاريخ الخلافة الاسلامية، رغم ان الخلافة لم تنصفهم الا في التغاضي عنهم، على ان المسلمين (ولن اقول العرب) برعوا في العلوم الشرعية دون شك، والتي لم تقدم فائدة تذكر لتضعنا في مصاف الدول التي سبقتنا، بل على العكس تماما.

ولكن ماذا عن الخلافة وفكرة العدل؟ ما لا يعلمه الانسان البسيط هو ان اربعة من اصل خمسة من الخلفاء الراشدين ماتوا قتلا والأول الذي لم يقتل مشكوك فيه ايضا ويعتقد بانه قتل (طبعا خمسة باعتبار عمر بن عبدالعزيز الخامس) والرسول عليه الصلاة والسلام مات مسموما، والحسن بن علي بنفس الطريقة، والحسين بن علي تم قتله في عهد يزيد، وفي عهد معاوية والد يزيد حدث قتال بينه وبين علي بن ابي طالب، وحدث قتال ايضا بين الاخير وبين جيش عائشة، ولم ينته القتل عند هذا الحد، فالدولة الاموية تشربت جذورها الدماء قبل ان يشتد عودها، وشهدت ظلما وبطشا لعل اشهره هو ما فعله الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي لم يكتفي بالقتل والظلم والاضطهاد بل وصل به الامر ان ضرب الكعبة بالمنجنيقات حتى ساواها بالارض، ولم ينتزع الحكم من الامويين سوى القتل، فقامت الدولة العباسية التي كان لها من الدماء نصيب ايضا، فاشتعلت الحرب بين المأمون واخوه حتى قتل الاول الثاني، ثم حكم بحكم المعتزلة وعلى رأسهم بشر المريسي، وكان في عهده يحاكم ويعدم اي شخص يقول بان كلام الله غير مخلوق وهو ما يقوله عامة المسلمون اليوم، ولم تنته الخلافة العباسية الا بالدماء ايضا حين اجتاحها هولاكو خان وقتل الخليفة المستعصم بالله ودمر المدينة بما فيها، واستمر الحال من دماء الى دماء حتى انتهت الخلافة.

لم يستمر هذا الوضع طويلا بعد ظهور جمال البنا ورفعه شعار "الاسلام هو الحل" وهو شعار للاسف لا ينطلي الا على من لا يقرأ، فالاسلام انقسم الى عدة مذاهب اهمها المذهبين السني والشيعي، ولو افترضنا بان الاسلام السني هو ما سيطبق، فأي مذهب سيطبق؟ الاشعري؟ ام المعتزلي؟ ام السلفي؟ ام الماتردي؟ او؟ او؟

ما لا يدركه الانسان البسيط هو انه يلعب بالنار، ولا يرى الا امامه فيعتقد ان لا نار خلفه، والحقيقة انه يجلس في حلقة من النار ستضيق شيئا فشيئا، حتى تطبق عليه ويكون رمادا دون ان يعي انه هو من اشعل تلك النار.

ما نحتاجه الان هو ان نتعلم التعايش السلمي وقبول الاخر والاختلاف، وهذا ما لن يقدمه التيار الديني لنا مهما رفع من شعارات، ويجب علينا ان نتعلم كيفية اطفاء النار..قبل ان نشعلها.

تحياتي

Monday, March 16, 2015

الحاجة ام الاختراع

اتذكر في طفولتي، وعند انتقالي من المرحلة الابتدائية الى المرحلة المتوسطة، مروري بحالة يمر بها جميع الاطفال في هذا السن، وهي محاولة الاخرين التعدي بالضرب، وهي طبيعة في الانسان بغرض فرض السيطرة، وكان تفوقي في الدراسة -والذي لم يلازمني طويلا للأسف- بيئة جاذبة لتلك المضايقات، وأدركت ان هذه المضايقات لن تنتهي بمجرد ان أتجاهلها بل على العكس ستصبح اكبر مع مرور الوقت وتكوين عصابات صغيرة دون ان اكون جزءا منها.
وكنت أعلم انه يجب علي مواجهة هذه المضايقات من زملائي بحزم وشدة، ولن يسعفني في ذلك لا معلم ولا مسئول، ومع ضعف بنيتي الجسمانية قررت ان استخدم طريقة اخرى، طريقة نجحت بشكل لم اتوقعه، ورسمت خطا أحمر لجميع من يحاول التعرض لي بالضرب، وجعلته يفكر مرتين قبل ان يتجرأ على مضايقتي، فماذا فعلت؟
المرحلة المتوسطة عندنا كانت تنقسم الى اربع مراحل، كنت انا في أولها، فاتجهت الى صبي ضخم البنية في المرحلة الرابعة ويبدو عليه الغباء، وخصصت جزء من مصروفي اليومي له، وأصبحت اشتري له من المقصف وأسلم عليه يوميا امام الجميع، رغم انني الى اليوم لا اعرف اسمه :) ، وبمجرد ان قرر الصبية في احد الايام التعدي علي بالضرب في الفرصة، طلبت منهم بكل ثقة البقاء في اماكنهم وذهبت بخطوات سريعة -رغم اني كنت خائفا في الداخل- متجها الى صديقي الوهمي، وماهي الا ثواني حتى سمعتهم يصرخون قائلين "راح ينادي رفيجه اللي برابعة متوسط" وانفضوا بعدها كالقطط، ولم اتعرض للمضايقة مرة اخرى في تلك المدرسة حتى انتقلت الى مدرسة اخرى، وطوال فترة بقائي كنت واثقا من نفسي ولا اخاف من أحد، لان لدي صديق وهمي أكبر وأقوى منهم، ورغم انهم لا يدركون انه ليس فعليا صديقي، الا ان جهلهم بهذه المعلومة جعلهم يتخذون من التحوط مبدأ لهم.

فكر جيدا عزيزي القارئ قبل ان تجيب على السؤال القادم، هل لا يزال لديك انت ايضا..صديق وهمي؟ 

Sunday, March 15, 2015

حجاب

المشكلة مع المؤمن هي ان النقاش غالبا جدا ما يكون متحيزا، فهو يدافع عن فكرة وجود الاله لرغبته في وجود ذلك الإله، او لانه لا يملك خيارا آخر، تماما مثل فتاة كنت اكلمها مرة وقالت لي انها تحجبت برغبتها الشخصية، فسألتها: لو خلعتي الحجاب، فهل ستحدث لك مشاكل؟ فلما كانت اجابتها نعم، انتفى الاختيار واصبحت مجبرة، الا انها تستخدم حيلة عقلية اما لارضاء ذاتها او غرورها او لأي سبب كان، لتقنع نفسها بأنها هي من تريد ارتداء الحجاب باختيارها، ولكنها تعلم جيدا ان هناك حقيقة تخالف كلامها فقررت دفنها عميقا بداخلها،وهي ان المسألة ليست اختيارية، وان السوط ينتظرها متى ما قررت ان يكون حجابها خيارا تستطيع تبديله.
فهل يمكن للمؤمن ايضا ان يقول عن نفسه انه مؤمن بقناعة واختيار؟ اجد صعوبة شديدة في تصديق ذلك، فكثير منهم كان حين يناقشني يقول انه مؤمن بقناعة واختيار، الا انه يفشل في مجاراتي فيقول انه ليس عالما في الدين، لينسحب من النقاش.
واتعجب حقيقة من هذا الطرح الذي لا ينطلي علي وهو ليس سوى انسحاب بداعي الخوف، كيف تكون مؤمنا بقناعة واختيار ان لم تكن عالما بهذا الدين؟ قل لي ما الذي اقنعك فيه بالضبط حتى تدخله؟ والسؤال الاهم من هذا كله هو: هل تتذكر تلك اللحظة التي قررت فيها اعتناق الدين؟
ثم اسأل نفسك: هل ستحدث لك مشاكل ان قررت ترك الدين؟ لاختصار الوقت سأجيبك بنعم: فستواجه رفضا عاصفا شديدا من المجتمع، وتهديدا تشريعيا يصل الى القتل، الى جانب وعود مرعبة بالخلود الابدي في النار والطرد من رحمة الله لمجرد تبني هذه الفكرة ولو كانت على سبيل المزاح او حتى التجريب.
لهذه الاسباب هناك فراغ فكري وفجوة كبيرة بيني وبينك، فأنا وعلى عكسك، يمكنني التخلي عن فكرة الإلحاد متى ما ثبت لي انها خاطئة، دون تحمل اي عقوبات بل على العكس تماما؛ هناك مغريات اكثر تنتظرني وشهرة وتقدير وإجلال متى ما قررت لعب دور التائب الذي ينشر قصته، كما فعل مصطفى محمود وفاضل السامرائي وغيرهم، ولكني أربأ بنفسي ان اكون منافقا كذابا، وان اتخلى عن صديقين صاحبتهما في رحلتي، وعاهدتهما ان لا اخذلهما او اتركهما يوما: العقل والحقيقة.
ولعل أكثر ما يفسد حكمك في المسائل العقلية هو عاطفتك، فعواطفك هي غالبا ترجمة لرغبات او مخاوف او شكوك، والعاطفة في المسائل العقلية هي في غير محلها، فهي جميلة في حال قررت تقبيل من تحب، ولكنها كالزيت في الماء متى ادخلتها في نقاش ترتجي الوصول من وراءه الى حقيقة، فإن لم تتسبب بالضرر فهي لن تفيدك حتما، وسيفسد حكمك متى ما قررت التحيز عاطفيا لجانب دون الآخر.
واتمنى ان ترى الآن انك ايضا ترتدي حجابا؛ لا على رأسك انما في رأسك، يغلف عقلك ويغطيه، ترتديه مجبرا وتقول لي بعد ذلك انك تفتخر به، مع انك لست من اختار ارتدائه، بل فعلت ذلك والدتك بعد ان خرجت في رحمها وصاحت في اذنك وانت طفل رضيع قائلة: الله أكبر.

Saturday, March 14, 2015

mind gym

لكل قاعدة شواذ..
هل يعني هذا ان القاعدة السابقة لها شواذ؟
إن كانت الاجابة نعم:
فإن ذلك يعني ان هناك قاعدة ليس لها شواذ، مما يجعل العبارة الاولى خاطئة.
وإن كانت الاجابة لا:
فالعبارة الاولى خاطئة ايضا فالقاعدة نفسها ليس لها شواذ.
هل نجحت -انا- في استثارة عقلك ووجدت نفسك امام تناقض؟ الحل بسيط بالمناسبة، وهو استبدال كلمة "كل" بكلمة اخرى تتضمن الشمولية والاستثناء في نفس الوقت، ولك حرية اختيار الكلمة البديلة لتتخلص من هذه المعضلة البسيطة.
في كثير من النقاشات يتجه خصمي الى سؤال: هل ترى عقلك؟
والغرض من هذا الطرح هو غالبا رد على اللاديني او الملحد الذي يطالب برؤية الإله (وهو طلب مرفوض برأيي، ولك حرية التساؤل وسأجيبك لماذا ان شئت) فيكون كالآتي:
هل ترى عقلك؟ والاجابة الطبيعية هي لا، عندها سيكون الرد: اذا انت مجنون، او لا عقل لك، فأنت لا تستطيع رؤية عقلك.

والحقيقة ان السؤال بحد ذاته خاطئ، ويحمل مغالطة منطقية تسمى بمغالطة رجل القش Strawman argument، فالسائل يسألك عن العقل وهو يقصد الدماغ، ولابد من التفريق بين الاثنين، فالعقل هو وظيفة من وظائف الدماغ ولا يمكن رؤيته، وهذه المغالطة هي تماما مثل سؤال: ماهي رائحة المشي؟ فالمشي وظيفة من وظائف الأرجل، ويمكنك ان ترى رجلك ولكن لا يمكنك ان تصف وظيفة من وظائفها باستخدام حاسة الشم، وكذلك العقل لا يمكنك الاستدلال على عمله بحاسة البصر (رغم انه ولسخرية القدر؛ بالامكان عمل مسح بالرنين المغناطيسي للدماغ MRI ورؤية الدماغ اثناء عمل وظائفه)، كما ان وجود الدماغ لا يشترط بالضرورة وجود العقل (والعقل بالنسبة لي كتعريف عام هو: القدرة على التمييز)، فالكثير من الاشخاص لديهم ادمغة، ولكنها لا تعمل بكفاءة في حالة العقل، فهم اما في حالة تخلف عقلي او جنون.

وكما هو معلوم لدينا، ان اهمال احد اعضاء جسمك وعدم عملها سيؤدي الى ضمورها، وعلى العكس؛ فتمرين اعضاء جسمك يساعد على تحسين ادائها، والدماغ ليس استثناء لهذه القاعدة، من الممكن ان يقول الآخرين عنك غبي..ولكن هل انت غبي فعلا؟ كل ما في الامر هو انك لم تستخدم دماغك بما فيه الكفاية، وهو مثل من يقول لك: وزنك زائد، فانا اعتبره شخصيا تنبيها، وفي الحالتين يمكنك تدارك الموضوع وحل المشكلة، وتمرين العقل هو تمرين رائع وممتع، ويمكنك القيام به في أي وقت، وفي الحقيقة ان مجرد قرائتك لهذه السطور ووصولك الى هذه الجملة هو بحد ذاته تمرين.

ولكن لنكمل التمرين معا: هل تعتقد ان الحفظ هو تمرين للعقل؟ ولماذا؟ 

تحياتي

كذب


صباح الخير / مساء الخير بحسب التوقيت الذي تقرأ فيه هذا الموضوع.
قبل ان ابدأ في الموضوع يجب ان اضع تعريف للكذب، وهو من وجهة نظري: التعمد بالقول او الفعل إخفاء الحقيقة او عرض معلومة تختلف عن الحقيقة.
والكذب من وجهة نظري (التي يختلف معها الكثير) له ألوان، ولونه يعتمد على النية غالبا، ومثال على ذلك حادثة حصلت معي شخصيا، أصبحت ووجدت والدتي حزينة وتبكي وهي تتصفح صور جدتي المتوفاة بهاتفها (وكان ذلك بعد ايام قليلة من وفاة جدتي)، فخطرت لي فكرة وجلست بجانبها وتظاهرت بأنني لا اعرف ماذا يحدث وسألتها، فانحنت بجانبي واخذت تريني الصور (وكانت صورا في الايام الاخيرة لجدتي في المستشفى)، فقلت لها: "تصدقين البارح حلمت فيها لابسة اخضر وويها ينور وكانت بغرفتها ومستاااااااانسة" ونجحت هذه الجملة في ان تخطف عيني والدتي من هاتفها الى عيوني انا، وكأنها تعرف ان لغة العيون لا تكذب وتريد التأكد من كلامي، ولكن ثقتي بنفسي كانت أكبر فصدقتني فورا واختلطت دموعها بابتسامة فرح شديد واخذت تتذكر وتقول "اهي كانت دايما تصلي وتصوم وتقرا قرآن" ..الخ واخذت تتذكر وتنظر للسقف وقد حضنت هاتفها وتردد "الحمدلله يارب" وفرحت كثيرا..رغم ان وجهها كان لا يزال مبللا بالدموع.
كمية السعادة التي استطعت ان ازرعها فاقت ما تحتاجه والدتي وانتقلت إلي أيضا، احسست بشعور رائع، ولم اتسبب بضرر لأحد بل على العكس زرعت سعادة، رغم ان مصدرها كذبة، وقل ما شئت عني الا انني اراها كذبة بيضاء ولو كنت في نفس الموقف والظروف، سأعيد مثل هذه الكذبة..

وقد يظن القارئ انني سأتابع كلامي عن النوع الآخر من الكذب او ما يسمى بالكذبة السوداء والتي تتسبب بالضرر للآخرين، ولكن هذا ليس هدفي، فكلنا متفقون ان الكذب بهذه الطريقة هو أمر سلبي، انما تركيزي على كذب يقع في منطقة بين الاثنين، ربما نقول عنها رمادية والتي غالبا يكون الهدف منها الحماية الشخصية سواء المعنوية او الفعلية.

أيام احتدام المنافسة بين النادي العربي ونادي القادسية، وفي أواخر التسعينات دخلت مرة مع صديق لي الى جانب مشجعي النادي العربي (وانا وصديقي قدساوية [Smile] ) وذلك لعدم حصولنا على تذاكر الا في جانبهم، ومن محاسن الصدف اننا لم نحصل على "فنايل" نادي القادسية من المحلات المجاورة لنادي القادسية بمنطقة حولي لنرتديها فبقينا بملابسنا العادية متخفين كالجواسيس بين جماهير العربي، نشجع القادسية في سرنا ولكننا نخفي ذلك خوفا من ردود الافعال، خصوصا بعد خسارة العرباوية وغضبهم العارم وسخطهم، وأخفينا فرحتنا بالفوز حتى خرجنا واختلطنا بالقدساوية.
وهذا نوع من انواع الكذب، رغم اننا لم نتسبب بالضرر لأحد، وفي نفس الوقت لم نسبب سعادة لأحد، لذلك ارى ان التصنيف الانسب هو الرمادي.

وبعد هذه السنوات؛ وجدت نفسي اتحاشى بشكل قاطع اي كذب قد يتسبب بالضرر على الآخرين، رغم انني كنت امارسه بحسب الظروف وذلك بغرض فرض الشخصية فقط ولمن يبادر بالتسبب بالضرر لي فقط، الا انني بدأت بالتدريج بتقنين هذه العادة حتى تخلصت منها تماما، وأعني ذلك حرفيا.
بقيت الآن امام الكذب الرمادي، الذي لا ازال امارسه، ولا يزال يمارسه الكثيرين، الا انني وجدت في الكذب الرمادي شيئا سلبيا جعلني اقرر ان اتخلص منه هو الآخر، وهو انه يضعف شخصيتك، فلا يكذب بهذه الطريقة الا الخائف او المنافق، ورفضت كمبدأ ان اكون احد الاثنين فضلا عن ان اجمع بينهما، واصبحت اقنن (ولا ازال) من هذا النوع السيء، فلا انافق ولا اخاف، وقد يظن البعض انها حيلة عقلية، وللامانة فقد صنفني احد الاشخاص ودخلت معه بنقاش مطول في الموضوع، واستخلصنا ان ما اقوم به هو فعلا رفض لموقف الخوف والنفاق وليس حيلة عقلية، وهو ما يعطيني (ويعطي اي شخص يضع نفسه في نفس الموقف) قوة شخصية عظيمة.

فماذا يحدث الآن وبعد هذا كله؟ ماهي النتيجة التي خرجت بها بعد قرار التقنين والتخلي عن الكذب؟ 
استطيع ان اقول انني خسرت الكثير، ولكنني برغم ذلك..مرتاح جدا
تحياتي

كنتاكي..ألا لعنة الله على كنتاكي


دخل معلم الأحياء الى الصف وبيده نتائج أوراق الاختبار، هدوء وقلق وتوتر شديد يسيطر على أغلب الطلبة، الذين يعلمون ان نتائجهم ستكون غير مرضية وان اهلهم سيعاقبونهم بعقوبات تتراوح بين الحرمان من هواتفهم وبين الضرب،كسر هذا الهدوء كلام المعلم قائلا: "هنوزع أوراق الاختبار بداية من أعلى درجة لحد ما نوصل للناس الخايبة الي ما كتبتش غير اسمها" وبعد ان فتح المعلم الظرف الذي يحتوي أوراق الاختبار قال: "أول إسم: مشاري احمد عبدالله، عشرة من عشرة وبيستاهل تحية عاوزين نصفقله"
لم يصفق أحد، خصوصا ان مشاري كان شابا شديد البياض وشديد السمنة، ذو شخصية ضعيفة، نظاراته المقعرة السميكة توحي لمن يراه بأنه غبي اجتماعيا، ولكنه ذكي دراسيا.
نهض من كرسيه مبتسما متجها الى المعلم الذي يبادله ابتسامة الرضا والفخر، مشى بخطوات سريعة واثقا بأنه سيحصل على مكافأة من اهله الذين سيفرحون بنتيجته، أخذ ورقته من المعلم وزادت ابتسامته حينما قرأ ما كتبه المعلم بجانب الدرجة "أحسنت، واتمنى لك التوفيق في حياتك العلمية والعملية"، أصبح متلهفا لنهاية اليوم الدراسي والعودة الى البيت، قاطع ابتسامة مشاري وفرحته صوت أحد زملائه قائلا:
"الدب القطبي!"
غيرت هذه الكلمة حال الصف من التوتر والهدوء الى الضحك المتواصل والسخرية من مشاري، توالت بعدها عبارات السخرية من زملائه: ("مخزن المعلومات بكرشك؟" ،، "يالفقمة").
عبارات ساخرة وحاسدة تتوالى عليه من كل مكان، لا يستطيع الرد على احد، ما ان ينظر الى شخص حتى يسمع كلمة اخرى من شخص آخر، كانت هذه السخرية كفيلة باحباطه وافساد فرحة التفوق عليه.
خرج من المدرسة متجها الى مطعمه المفضل، دجاج كنتاكي، رائحة الطعام الساحرة تتسلل الى انفه وتناديه من بعيد لتعويضه عن كمية الألم الذي يشعر به، دخل وطلب وجبة لشخصين مع قطعة تيراميسو وتشيز كيك، أخذ يأكل بشراهة وسرعة مقرفة، لم يكن يأكل ليشبع فقط؛ انما يأكل للاستمتاع ويأكل اكثر مما يحتاج حتى، وما ان انتهى وشبع ووصل الى مرحلة يصعب عليه فيها التحرك، حتى اصبح ينظر للمطعم والاكل بنظرات حاقدة، وكأنه يلومهم على زيادة وزنه ويرى انهم سببا في سخرية زملائه منه، ويقرر -كما قرر بالأمس ايضا- أن لا يأكل من هذا المطعم مرة أخرى.
لم يكن هذا اليوم سعيدا على مشاري، رغم ان بداياته كانت جميلة، إلا ان تصرفات مشاري كانت تنعكس سلبا عليه، فهو لا يحس بالمسئولية ولا يحمل نفسه نتيجة تصرفاته، ويلقي دائما باللوم على الآخرين، فأصبح منعزلا عن الناس، ممسكا بهاتفه ويلعب دون ان يلقي حتى بقايا الطعام الذي تكدس على طاولته ودون ان يشعر بالوقت، إلى ان قاطع لعبته على الهاتف اتصالا من والدته التي ارادت الاطمئنان عليه وتذكيره بموعد الطبيب، فما كان منه الا ان رد عليها بكل وقاحة واسلوب لا يجرؤ ان يستخدمه مع زملائه في المدرسة، فهو يعلم ان والدته لن تمارس عليه نفس القسوة التي يمارسها زملائه، ولكنه -ولقلة ذكائه الاجتماعي- لا يفهم لماذا.
وماذا يمكن للطبيب ان يفعل؟ فآلام الركبة التي يعاني مشاري منها سببها زيادة الوزن، ورغم محاولات الطبيب الكثيرة الا انه أيقن تماما ان المشكلة تكمن في مشاري نفسه، يجب عليه ان يتخذ قرارا جادا لتفادي تطور المشكلة، يجب على مشاري ان يدرك انه هو المشكلة، لا يوجد عوامل خارجية تسبب المشكلة سوى قلة الحركة وكثرة الأكل، وبكل لامبالاة ودون ان ينظر للطبيب ومستمرا باللعب في هاتفه يقول:
"والله عاد شسوي حق كنتاكي، أكلهم حلو دكتور"
الطبيب: "يا مشاري المشكلة مو في كنتاكي، المشكلة فيك إنت"
مشاري: "اي يعني شسوي دكتور حاولت وماكو فايدة، سوولي عملية تكميم وخلاص"
الأم: "يا مشاري انت توك صغير على العمليات، حرام عليك، لازم تحاول لا تقول حاولت وانت كل يوم تاكل وجبات سريعة"
مشاري(غاضبا): "يما ماحب اكل البيت، غصب يعني؟ والمطعم قريب من المدرسة وريحة الاكل تدش بخشم الواحد، ليش ما يسكرون المطعم احسن؟ انتوا ليش جذي كله تبون تطلعوني انا غلط، حتى اهلي يكرهوني!"
خرج مشاري يسابق دموعه، أغلق هاتفه حتى لا تتصل به والدته، أخذ يمشي ويبكي لوحده، حتى أحس بالجوع، فدخل مطعم للبيتزا وطلب وجبة تكفي لاربع اشخاص، وأخذ يأكل ويأكل حتى كره نفسه، وقرر كما قرر اليوم، أن لا يأكل من هذا المطعم مرة أخرى.

النصائح العشر الذهبية..لخدمة المواطن في شراء الحرية


مع انتهاء العطلة الصيفية وموسم السفر، يضطر العربي ذو الدخل المتوسط ان يعيش في بلده لفترة أخرى، اما لجمع المال الذي سيهرب فيه الى الخارج مجددا، او ليدفع اقساط القرض الذي سافر به الى الخارج، لذلك وخلال هذه الفترة التي سيعيشها في بلده، يتوجب عليه شراء احد انواع الحرية المتوفرة في السوق، حتى تنقضي مدة السجن ويسافر الى الخارج مجددا.


ملاحظة هامة: لا يشمل هذا الدليل الاشخاص ذوي الطبقة المخملية او الفقراء، وكلي امل ان تعرف بنفسك لماذا. 

1- اشتر حرية مستعملة: 
لا تقم ابدا بشراء حرية جديدة لم يتم تجربتها من قبل، يفضل دائما شراء حرية تم تجربتها وثبت نجاحها في مجتمع آخر.

2- لا تبدأ حيث بدأ الآخرون: 
على الاغلب ستكون تجربة الشعوب الاخرى قد مرت بكثير من الاخفاقات والفشل، فلا تبدأ من نفس النقطة لانك على الاغلب ستمر بنفس الاخفاقات، لذلك ابدأ حيث انتهى الاخرون وستجد ان هذه النسخة من الحرية قد تم اصلاح الكثير من العيوب والاعطال فيها.

3-لا تسمح للآخرين بمشاركتك: 
لا أقولها استهزاءََ ولكن فعليا اغلب الناس حمقى (ستطغى عاطفتهم على عقلانيتهم في اتخاذ القرار) فهل عدد الطلاب الفائقين هو نفس عدد الطلاب الفاشلين في الصف الواحد؟، اتخذ قرارك بنفسك ولا تسمح للآخرين بمشاركتك اتخاذ القرار (الا اذا كنت أحمقا)..

4- اذا كانت مضمونة، فهي غالبا سيئة: 
اذا كان البائع يعطيك ضمانا على هذه الحرية، فهي غالبا سيئة، والبائع غالبا يريد ان يحصل على أعلى مردود منك، لو كان البائع واثقا من سلعته فلن يعطيك ضمانات.

5- اذا شعرت بالقشعريرة، اذهب لشراء العصير:
اذا انبهرت من عرض تاجر الحريات لسلعته، فهو غالبا قد استثارك عاطفيا، وستكون سلعته مكلفة جدا ولن تعمل الا نظريا فقط، قم بشراء العصير لاعادة توازن عقلك، وابحث عن تاجر آخر.

6- غرض التاجر الاول هو الربح: 
أي تاجر يدعي انه يريد مصلحتك هو على الاغلب كاذب، لن يضيع الرجل وقته في فتح الدكان وبيع سلعته من اجل سواد عينيك.

7- ابحث عن التوازن: 
اشتر الحرية التي تعطي حقوقا اكثر للاغلبية التي تكون انت منها، ولكنها في نفس الوقت تضمن حقوق الاقليات، فقد تصحو يوما ما وتجد نفسك ضمن الاقلية، وتندم على شرائك لحرية اصبحت غير مفيدة.

8- ماذا يعمل التاجر: 
اذا كان التاجر متخصصا فقط في بيع الحريات، فالحريات التي يعرضها للبيع لن تكون جيدة.

9- لا تعطي التاجر توكيلا: 
ولا تعطي أي شخص اصلا توكيلا لتطبيق هذه الحرية بدلا منك، فهناك ثمن لكل خدمة وغالبا ستكون انت او المجتمع هو من يدفع ثمن هذه الخدمة، قم بتطبيقها بنفسك.

10- لا تخجل من تبديل السلعة اذا اثبت فشلها:
هذا الدليل هو دليل ناقص وبحاجة الى المزيد من الخبرات لاكماله، لا تعتقد انك اذكى من الآخرين فهناك غالبا شخص اذكى منك، اذا شعرت بأنه قد تم استغلالك قم بالاتصال على اقرب مركز لحماية المستهلك واستبدل سلعتك فورا وطالب بالتعويض.


وتذكر دائما عزيزي المواطن العربي ذو الدخل المتوسط: ان الطبقة المخملية في المجتمع لن تشتري الحريات..لانها هي من تبيعها.

خوف من المجهول

باعتقادي ان العقل البشري يعمل على أكمل وجه، ولا يوجد هناك شخص نستطيع ان نطلق عليه صفة "غبي" ولكن هناك الاشخاص بطيئي الفهم، او الذين يحتاجون الى طريقة مختلفة لإيصال المعلومة لهم، الا حينما يتعلق الموضوع بالمشاعر، وأفكر كثيرا في هذا الامر، متى تتدخل المشاعر؟ ولماذا تغلب العاطفة على صوت العقل في كثير من الاحيان؟
لم اجد حقيقة تفسيرا للأمر ولكن وضعت افتراضية احببت مشاركتها، وهي ان العواطف تنشئ من الجهل وهو عدو الانسان الاول، فعندما تجهل نتيجتك في الاختبارات مثلا، ستبقى قلقا وخائفا ومتوترا، رغم انه لا يوجد هناك سبب منطقي يدعوك لذلك سوى جهلك بالنتيجة، والذي يجعلك تفكر في عواقب رسوبك في حال تخطيطك للأسوأ، وعلى النقيض تماما؛ اذا كانت نتيجة الاختبار جيدة فسيغلب عليك نوع آخر من العاطفة وهو الفرح والسعادة، وكلما زادت ثقتك في معرفة نتيجة المجهول الذي ينتظرك -بغض النظر عن نوعه- كلما قل الخوف والقلق وبالتالي يبدأ العقل في العمل على أكمل وجه، ورغم ان السعادة لا ترتبط بشكل مباشر بالمجهول انما بنتيجة لشيء مجهول ايضا، الا انها تبقى نوعا من المشاعر يبدأ بالانخفاض تدريجيا حتى يعود الشخص الى طبيعته.
كان هذا محور نقاشي قبل اسابيع مع صديقة مقيمة في المانيا، كانت تشتكي كثيرا من نبذ اهلها لها كونها لادينية، ومن زيادة وزنها رغم ممارستها للرياضة بانتظام (بدون نظام غذائي جيد) ومن اعمالها الفنية التي تجد صعوبة في اكمالها لضيق الوقت، قالت لي انها ستصبح سعيدة جدا لو تغلبت على هذه المشاكل -التي اعتبر بعضها بسيطا- ولكنها مشاكل الناس في دول العالم الأول.
فكرت في كلامها كثيرا، وسألت نفسي سؤالا اعتبره جائزة وهدية منها، هل السعادة هي حالة مؤقتة، ام تصرف؟Is happiness a temporary state or an attitude
لماذا انتظر حدثا معينا حتى اصبح سعيدا؟ لماذا اجعل من سعادتي حالة مؤقتة ترتبط بحدث معين بغض النظر عن نوعه؟ 
أدركت بعد وقت طويل ان الحياة ليست بالجمال الذي توقعته، وان علي تحمل عواقب اي امر اقوم به، وان اكون شجاعا واثقا من نفسي، واساس هذه الشجاعة هي الاعتراف بالخطأ والرغبة في ان أكون على خطأ، لتصحيح افكاري قدر الامكان فلا أكون كما قال الشافعي إمعة (اذا الريح مالت مال حيث تميل) واتمسك بشدة بمقولة برتراند راسل: انا لست مستعدا ان اموت من اجل افكاري، لانها قد تكون..خطأ!!
اللذة التي اجدها في التفكير، وفي اكتشاف الخطأ جعلتني لا اجد سببا منطقيا للقلق او الخوف، ووجدت نفسي بعد فترة ابتعد عن الاستخدام المفرط للمؤثرات العقلية مثل الكحول، لانها تفقدني احساسي ونشوتي بالقوة التي اتمتع بها: قوة العقل.
وجدت نفسي اتسائل امام تساؤلات صديقتي: ما الذي يمنعني من ان اكون سعيدا طوال الوقت، مالم تحدث حالة مؤقتة..تتلاشى مع الوقت.

أشباح تمشي بيننا

حرية شخصية، كيفهم..!
هذا كان رد صديقي عندما سألته، ولأن العقلية العربية مازالت تعتبر افكارها جزءا لا يتجزء من ذاتها، فهي ترى ان اهانة افكارها هي اهانة لها، وبالمثل؛ فإن أثبتّ له ان فكرته خطأ، فأول ما يفكر فيه هو ان يدافع عن الفكرة باعتبارها جزءا من شخصه الذي لا يخطئ، فالخطأ عيب..وعدانا العيب.
لهذا يكون النقاش مع بعض الاشخاص هو نقاش شخص لشخص، او فكرة لشخص في احسن الاحوال، فهو يرفضك كشخص لذلك يرفض كل افكارك ويعتبرك مصدرها وجزءا منها.

دائما ما نسأل بعضنا على سبيل المزاح، ماذا ستفعل لو ان القانون سمح لك بجريمة واحدة فقط؟ الاجابات في اغلب الاحيان تكون: السرقة، ولان الكثير من الناس مستعد للتضحية بمبادئه واخلاقياته من اجل الحصول على مستوى معيشي أفضل؛ كان هناك قانون يمنع السرقة، لذلك تجد الكثير من الناس لا يسرقون، ويدعون ان اخلاقياتهم هي ما تمنعهم، وينطبق عليهم المثل المصري: ان جالك الغصب خده بالرضا، فتجد الكثير منهم يتبجح بأن سبب عدم ارتكابه للجريمة هو اخلاقه، ولكن الحقيقة هي انه مجبر على اتباع القانون، والا كانت العقوبة التي هو في غنى عنها.
أحد اهم الاسباب التي تمنع المجرم من ارتكاب جريمته، هي مخافة التعرف عليه والوصول اليه ومعاقبته لاحقا، ولكن ماذا لو اسقطنا عمدا هذا السبب؟
تخيل ان اسمح للناس بقيادة سياراتهم بلا لوحات، سيرتكب الكثير منهم الجرائم طبعا، ربما لست انت ولست انا ولكنك بالتأكيد تعرف اشخاصا سيفعلون هذا، سيتجاوزون الاشارات الضوئية والسرعة المقررة، بل وقد يصدم شخصا بسيارته ويهرب بعد ان ضمن عدم الوصول اليه.
وقد تقول في نفسك الآن ان هذه مبالغة، وان هذا الشخص نفسه يمكن التعرف عليه من قبل الشهود عند رؤيته، وهنا أصل الى النقطة الاساسية في هذا الموضوع:
تخيل أن اسمح لك باخفاء وجهك..
نعم انا اتحدث عن النقاب، اتحدث عن اشباح تمشي بيننا، امرأة قد لا يتعرف عليها اخوها عند رؤيتها في الشارع، مجهولة الهوية تماما، بمباركة من المجتمع نفسه الذي قد لا يدرك خطورة هذا الامر، تخيل ان تذهب الى مستشفى مع والدك او والدتك، وتقوم ممرضة منقبة بخطأ طبي قد يكون قاتلا، هل تستطيع التعرف عليها قانونيا امام المحكمة؟ قد ترتدي امرأة هذا اللباس وتسرق، هل سيستطيع احد التعرف عليها وقتها؟ خصوصا اذا كانت تغطي يديها ايضا مما يمنعك من الوصول الى بصماتها حتى...


السيناريوهات عديدة جدا، هناك مشاكل كثيرة قد تحصل بسبب اخفاء الهوية، لذلك سأذكر بعض المشاكل التي نشرتها الجرائد خلال اسبوع واحد فقط في الكويت:

تفاصيل القضية التي عمل عليها رجال ادارة مسرح الجريمة التابعين للادارة العامة للادلة الجنائية حصلت منذ شهر تقريبا حين تعرض احد محلات الذهب في منطقة الصالحية الى سرقة مصوغات ذهب متنوعة من قبل 5 نساء وبرفقتهن طفل جميعهن مجهولان الهوية حيث اعتمد هؤلاء السارقات في عملية سرقتهن لمصوغات الذهب على الهاء البائع واشغاله فيما تقوم احداهن بسرقة قطع الذهب، الا ان رجال ادارة مسرح الجريمة لم يتمكنوا من العثور على اي بصمة للسارقات فقد كن حذرات بحيث لم يلمسن شيئا داخل المحل خاصة الكبار منهن اما الصغيرات سنا فيهن فلم تكن لديهن اي بصمة في قاعدة البيانات ولم تمض ايام حتى تعرض محل آخر في منطقة السالمية للسرقة بالاسلوب نفسه 

المصدر:
http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=378322&YearQuarter=20143

___________________________________


تقدمت المحامية دلال الملا بشكوى ضد وزارة الداخلية بسبب الاهمال والخطأ المهني الجسيم الذي ارتكبه محقق اثناء تأدية عمله.
وتتلخص الواقعة في ضبط رجل وامرأة منقبة في حالة سكر داخل سيارة ولدى قيام المحقق المذكور باستجواب المرأة ابرزت له صورة بطاقة مدنية تخص امرأة اخرى وهي (الشاكية) وهنا كان اهمال وخطأ المحقق المشكو في حقه حيث لم يطلب من المرأة المنقبة الكشف عن وجهها حتى يتأكد من شخصيتها الامر الذي ترتب عليه تسجيل قضية السكر بحق (الشاكية) وليس التي ضبطت بالفعل، مما ترتب عليه صدور حكم بحق الشاكية في واقعة لم ترتكبها.
واشارت الملا الى ان الامر لم يقتصر عند هذا الحد بل ان زوج الشاكية بعد علمه بذلك الحكم قام بتطليقها واعقبها برفع دعوى لإسقاط حضانتها وقدم للمحكمة صورة من الحكم في قضية السكر واخذت به المحكمة واعتبرته دليلا على عدم امانة الشاكية وقضت بإسقاط حضانتها عن ابنائها.
 

المصدر:
http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=378984

___________________________________

اشتد النقاش بين مواطنين وبين موظف بجوازات المطار وذلك بعد عودة المواطن واهله من احدى الدول مساء امس ففوجئ الموظف بوضع المواطن ملصقاً على صور جوازات النساء اللاتي معه ورفض ازالته بعد طلب موظف الجوازات ذلك للتدقيق والتأكد من انهن صاحبات الجواز وتم تحويله الى ضابط الجوازات الذي اقنعه بانه يجب ازالة الملصق للتأكد من اصحابه.

المصدر:

http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?Id=379000&YearQuarter=20143


تحياتي واعتذر على الاطالة.

قصيدة تحت تأثير الحشيش

احد مساوئنا كبشر هي اننا نلجأ كثيرا للخيال للهروب من الواقع بدلا من البحث عن حلول موضوعية لواقعنا، فلذلك فإننا لمنع وجود اي فراغ في معرفتنا، قد نخترع فكرة لسد هذا الفراغ، قد لا تكون اكثر من خيال، وقد تختلف دوافع الادعاء امام الفراغ المجهول الذي لا نستطيع نفيه او اثباته، فيستغلنا الآخرون لاننا غارقون في الخيال.

بعد هذه الافكار، رفض عبدالعزيز سيجارة الحشيش التي مررها صديقه له، وادرك انه دخن كمية كبيرة من الحشيش ووصل الى مرحلة انجرف فيها كثيرا عن الواقع، وقرر العودة الى شقته التي لا تبتعد كثيرا.
وصل الى العمارة ليجد المصعد معطلا، امر ليس جيدا خصوصا بالنسبة لشخص يسكن في الطابق السابع، مجهود كبير تتبادله قدماه على ادراج السلم، حتى وصل الى شقته، وبعد فتح الباب واضاءة النور، كان المنظر مزريا حتى بالنسبة لشخص تحت تأثير الحشيش، نصف كوب من القهوة التي تغير لونها، جيش من النمل يتجه الى قطعة البيتزا التي نسيها على طاولته، ملابس ملقاة على الكرسي، فوضى لا يضاهيها سوى الفوضى التي في عقله، الذي اختلطت فيه الافكار، واصبح يجد صعوبة في التركيز على ما يريده.
بعد وقوفه المترنح لمدة ربع ساعة امام باب شقته، انتبه اخيرا ودخل دون ان يغلق الباب، واتجه الى جهاز الكمبيوتر وقرر كتابة قصيدة، فقد سمع كثيرا ان عظماء الشعراء والموسيقيين كانوا يتعاطون الحشيش عند الكتابة او التلحين، فلماذا لا يجرب موهبته المدفونة التي قد يبرزها الهيز؟
بدأ بكتابة الكلمات، رغم قلة تركيزه الا ان اصابعه على لوحة المفاتيح كانت كأصابع عازف البيانو، متناغمة ومستمرة مدونةً افكاره وخياله، تترجم صورا جميلة يراها هو في عقله، احساس عظيم بالنشوة والابداع، لم يستطع التوقف، ولم يرغب بالتوقف حتى لا ينتهي ذلك الشعور بالرضى، وتنتهي معه اللذة التي لم يجدها في حياته اليومية، والتي لم يحصل عليها سوى من الحشيش.
مضى الوقت دون ان يحس فيه، بعد كل هذه الكتابة والمجهود ارتبط عبدالعزيز عاطفيا بالقصيدة التي لم يقرأها بعد، كارتباط الاب بابنته التي لم تولد بعد، أخذ يقرأ ابياتها الجميلة التي خطتها يداه، مبتسما عندما يتذكر الافكار التي كانت في خياله لحظة الكتابه، شعور عازف البيانو امام الجمهور الغفير الذي يصفق بحرارة لموهبته بعد انتهاءه من العزف، عبدالعزيز كان العازف، وكان الجمهور، شعور عظيم بالرضى لم يقاطعه سوى كلمة، كلمة لم يتذكر عبدالعزيز كتابتها في قصيدته، تعجب وسأل: من كتب هذه الكلمة؟ لا اتذكر اضافتها، فمن فعل ذلك؟
وكانت تلك هي اول صدمة لعبدالعزيز، السطر التالي في القصيدة كان: "أنا"
سأل عبدالعزيز القصيدة: هل تتحدثين معي؟
وكان السطر التالي في القصيدة: "نعم"
غضب عبدالعزيز كثيرا، خصوصا بعدما ادرك ان ابداعه في كتابة القصيدة قد افسدته القصيدة نفسها، فصرخ فيها قائلا: من أعطاك الحق لتغيرين ما كتبت؟
القصيدة: انا حرة، افعل ما اريد
عبدالعزيز (غاضبا): لست حرة، انا من كتبك، وانا فقط من لي الحق بفعل ما اريده بك وبكلماتك.
القصيدة: كيف تكون انت من كتبتني، اذا لم تكن تعرف كلماتي.
عبدالعزيز: لانني..كنت تحت تأثير الحشيش..!
القصيدة: وربما لا تزال تحت تأثير الحشيش، ربما لم تكتب قصيدة من الاساس؟
غضب عبدالعزيز من رد القصيدة، وامسك بجهاز الكمبيوتر ورماه خارج النافذة، ليسقط على الارض ويتهشم، وتنتهي معه القصيدة، ولم يبقى لها وجود سوى في خيال عبدالعزيز، الذي قرر الخلود للنوم، فلربما كان هو ايضا خيالا لشخص آخر..او عدة اشخاص

منع الاختلاط...


مساء الخير/صباح الخير، كلا بحسب التوقيت الذي يقرأ فيه هذا الموضوع.



ملاحظة: هذا الموضوع يختص بواقع المجتمع العربي فقط، وأي تشابه بينه وبين اي مجتمع آخر فهو وليد الصدفة وليس معنيا بهذا الموضوع بأي شكل من الاشكال.




العلاقة بين الرجل والمرأة، رغم انها علاقة طبيعية، إلا انها تشكل هاجسا لمجتمعاتنا، يرغبون في تقنين طرق التواصل بين الاثنين، فالاختلاط قد يؤدي الى التعارف، والتعارف الى الحب، والحب الى الزنا.
سلم تدريجي تقليدي في رأس كل عربي تقريبا، لا يرغب بحدوث هذا السيناريو لقريباته تحديدا، و "طز" في باقي المجتمع، فليس لديه مشكلة ان يقوم هو نفسه بصعود هذا السلم على حساب فتاة اخرى لا يقبل اخوانها بان تكون مطية للحصول على الملذات الجنسية لرجل آخر، وربما كان ذلك أسوأ كابوس قد يعيشه اي رجل، ان يكتشف ان احدى قريباته على علاقة برجل آخر، كابوس لا يضاهيه في السوء الا خبر وفاة هذه القريبة، ان لم يكن خبر وفاتها اهون بالنسبة اليه، حتى ان القتل احيانا يكون هو الحل لهذه المشكلة، تطبيقا لقول الشاعر: لا يَسْلَمُ الشَّرَفُ الرَّفِيعُ مِنَ الأَذَى حَتَّى يُرَاقَ عَلَى جَوَانِبِهِ الدَّمُ.
أسهل الحلول بالنسبة لي ليست دائما هي الافضل، الابوين الذان يضربان ابنائهما لم يختارا الحل الافضل وهو تربية الطفل ولكنهما اختارا الطريقة الاسهل والتي يصدف انها الاسوأ في تربية الطفل.
لذلك قامت دولنا باستخدام الضرب، أسهل الحلول وليس أفضلها، فبدلا من تربية الاجيال وتعويدها على احترام الاخر وتقبل اختلافه بغض النظر عن الجنس او العرق او الجنسية..الخ، قامت بحل هذه المشكلة بمصطلح رنان تطرب له إذن المواطن البسيط: "منع الاختلاط"، منع "الذئاب" ان تقفز على السور المجاور لتأكل "الغنم".

ولكن هل نجحت هذه الطريقة؟ هل حققت اهدافها؟

إن اهم هدف (ان لم يكن الهدف الوحيد) في منع الاختلاط هو وقف التواصل بين الذكور والاناث، لضمان عدم حدوث اي علاقات بين الطرفين، لكن رغم ذلك كانت العلاقات تحدث، ليس بسبب وجود اماكن تسمح بالاختلاط، انما لوجود الرغبة "الانسانية" الطبيعية في الدخول في علاقة مع الجنس الآخر، واذا كان هناك ارادة على فعل شيء، فسيكون هناك نجاح في الوصول اليه، وكما نقول دائما: الحاجة ام الاختراع، اتذكر انني في ايام دراستي الجامعية، كنا نعرف اين هي اماكن تواجد البنات ونقصدها متعمدين، كما كن الفتيات يقصدنها لذات السبب، ويحصل فيها التعارف ضاربين بعرض الحائط قوانين منع الاختلاط التي لم تنجح الا في فصلنا في مقاعد الدراسة،وفي زمن مثل زمننا الان فلا يحتاج التعارف والدخول في علاقة الى اختلاط، قد يتعارف الاثنان وكل منهما في غرفته، يظن والداه انه نائم وهو يتبادل كلمات الحب مع الطرف الاخر عبر هاتفه، وانا متأكد باننا لو قمنا بسد جميع الابواب في اوجه الشباب والبنات، ان ذلك سيحصل، شئنا ام أبينا.

على النقيض، ما المشاكل التي ولدها منع الاختلاط؟

1- الحاجة الى ضعف المساحات للبناء: المدرسة التي ستبنيها ستحتاج منها اثنين في كل مرحلة، مما يأخذ مساحات اكبر، وقس على ذلك المستشفيات بأقسام خاصة للنساء (ولا اقصد امراض النساء هنا) واقسام خاصة للرجل وهلم جرا.
2- الحاجة الى ضعف عدد الموظفين: كما انك تحتاج الى مساحات مخصصة لكل جنس على حده، فإنك ستحتاج الى موظفين لكل جنس على حده، واذا كان عدد الموظفين وخبراتهم لا تكفي ستضطر الى التعاقد مع موظفين من الخارج لسد الحاجة.
3- النظرة الدونية للمرأة: الفصل بين البشر في هذه الحالة ليس بناء على العمر او على الافكار، انما بناء على اختلاف الاعضاء التناسلية، وهو ما يجعل الفتاة تدرك بأن هذا هو اهم اختلاف يراه المجتمع فيها، فالذكاء والتفوق والفكر كلها امور ثانوية، فتذكري ان هدف الذكر من الوصول اليك هو الحصول على متعته، فلا تسمحي له بالحصول على ذلك الا وفقا للاطر التي نتعامل بها، وبعد ذلك فلا شيء مهم، ونفس النظرة تتكون في ذهن الذكر: ان الهدف الرئيسي من هذا الكائن هو المتعة الجسدية فقط، مما ينتج لدينا مجتمعا ينظر الى حجاب الطبيبة قبل انجازها، ولعل ابسط مثال على هذه الحالة قضية حجاب الدكتورة غادة المطيري.
4- ظهور نمط مشوه من المثلية الجنسية: بالنسبة لي المثلية الجنسية ليست عيبا، وليست مشكلة تحتاج الى حل أصلا، المشكلة هي ان يقوم الشخص المغاير بمحاكاة السلوك المثلي بهدف الحصول على المتعة الجنسية فقط، وقضايا الاحداث الذين يتم استدراجهم بالحيلة كفيلة بتأكيد ما اقصده.

اعتذر للاطالة.