Thursday, February 18, 2016

الاضرار الصحية لتناول لحم الخنزير

في صباح يوم بارد، غيوم خفيفة ورائحة الورود تملئ المكان، يجلس رجل ياباني على ركبتيه، يتجمهر حوله الناس، ولا ينظر الى احد منهم، يشعر بالخزي والعار لانه فقد شرفه ولم يحترم وعده الذي قطعه، ويستعد لتنفيذ الهاراكيري لاستعادة ماهو مفقود، يلف السكين الحادة بقطعة قماش ويضعها على بطنه، إن احد اسوأ الطرق للموت هي ان تتقطع احشائك وتنزف حتى تموت، يغمض عينيه وهو يدرك هذا الامر، ولكنه يركز على ماهو اهم، استعادة شرفه، هذا قرار لا رجعة فيه ولا ندم، لا يجب ان يتردد ولا يجب ان يبدو خائفا، رغم ان العرق الذي يتصبب على وجهه كفيل بفضح شعوره، يجب ان يتوقف عن التفكير، ركز في استعادة شرفك، اغرس هذه السكين بقوة وحزم، هي لحظات من الالم يقابلها انجاز عظيم، يتمنى ان يرفع رأسه ليشاهد نظرات الاحترام في وجوه المتجمهرين حوله، والطريقة الوحيدة هي ان يسقط على الارض بعد ان يقتل نفسه، ليسرق نظرة اخيرة ويطمئن، يرفع السكين قليلا ثم يغرسها في بطنه، حتى اقوى الرجال لا يستطيع ان يكون هادئا، يصرخ وهو يقطع احشائه من جهة الى الجهة الاخرى، ويتكفل صديقه بعدها بضرب عنقه ليخلصه من هذا العذاب، ويرحل الجميع وقد غفروا له ذنبه، واستعاد شرفه.

وفي زمان مختلف وفي مكان مختلف، يصرخ احد حكماء قومه وهو يحاول كسر باب غرفة اخته، التي تبكي خوفا وتعيش لحظات رعب وتصلي ان تحدث معجزة تخلصها مما هي فيه، والضغط النفسي يدفعها لفتح الباب حتى تعلم ماذا سيكون مصيرها على الاقل، ولكنها تعلم ان العذاب الجسدي الذي ستواجهه لن يكون بأقل من العذاب النفسي الذي تعيشه، فقد ارتكبت اعظم خطيئة، خسر اخوها شرفه بسببها، فهي لم تكن "جديدة" عندما زفها اهلها الى صاحب السلعة، الذي من عليه الحظ ان لا تكون هناك طريقة لمعرفة عذريته، واعادها الى بيت اهلها مطالبا ان يستعيد امواله مقابل السكوت، فالمحاكم ستجعل الجميع يعلم ان اخوانها بلا شرف، لانهم لم يشددوا المراقبة عليها اثناء دراستها الجامعية وارتكبت اعظم خطيئة..وهي الحب.

كم هو مؤسف حال تلك الفتاة التي لا تعلم عن وجود غشاء بكارة صيني، لكانت استعادت شرف اخوانها بعشرة دولارات.

Sunday, February 7, 2016

سيلفي مع الزبّال


في الشرق الاوسط، بلاد الامجاد والحضارة الزائفة، وتحديدا في الخليج، نعاني من الافلاس، شخص يركب سيارة فخمة ليذهب الى عمله، وهو مفلس، رصيده في البنك بالآلاف، ولكنه مفلس! يدخل الى عمله لينادي عامل النظافة الآسيوي، الذي لا يتجاوز دخله قيمة الملابس التي يرتديها هذا الرجل المفلس، يطلب منه تنظيف المكتب، عمل القهوة ومن ثم يرسله الى المطعم او البقالة ليشتري له سجائر او طعام الافطار، ورغم ان هذا ليس من صميم عمل موظف النظافة، الا انه يقبل بذلك وينفذ هذه المهمة، املا في ان يعطيه هذا الموظف المفلس باقي النقود.

هو مفلس، رغم كل هذه الاموال، قيمته واحترامه الذي يكسبه في مجتمعه تحدده سيارته، تحدده ملابسه وهاتفه، تحدده منطقة السكن، كلها أمور يحددها المال، فإذا جردته من المال، استطعت ان ترى الحقيقة، انه مفلس، لذلك تجده دائما ما يستخدم المعطيات السابقة لتحقير الطرف المقابل، لو كان الشخص متعلما، فسيارته يابانية الصنع، لو كان الشخص محترما، فهو يسكن في منطقة فقيرة.

وعدوى النرجسية هذه تنتشر بشكل كبير وخطير، وذلك لاننا نريد كل شيء بسهولة، لا نريد ان نتعب، نحب الراحة اكثر مما نحب الانجاز، ونفضل قطع جزء من جهازنا الهضمي، على ممارسة الرياضة، وليس هناك اسهل من التفاخر بالطبقية لاعطاء هذا الشعور المزيف بالرضا عن النفس.

قديما كان الناس يستعبدون بعضهم البعض، والى عهد قريب، قد يستطيع جدك ان يحدثك عن الاستعباد وبيع البشر، وهي احد اسوأ ما فعله البشر في تاريخهم، فكانوا يستعبدون الناس ويسلبونهم ابسط حقوقهم الانسانية، دون اي حرج او اي خدش لمفهوم الاخلاق لديهم، ولا ازال اعلم في قرارة نفسي، ان هناك بشرا يرغبون بعودة زمن العبيد والاسترقاق وبيع البشر، ليشبع نقصه وافلاسه دون ان يتعب او يجتهد.

غير ان زمن العبودية انتهى، ورغم انه لا يزال موجودا في بعض الدول، الا ان منظمة الامم المتحدة تكفلت بانهاء هذا النظام في الشرق الاوسط على الاقل، الا اننا نمارس العبودية مع بعضنا البعض، وصل الأمر في ان يستفتي البعض في جواز جماع الخادمة باعتبارها ملك يمين! شخص يقبل رأس عامل النظافة في الشارع ولسان حاله يقول "صوروني وانا اقبل رأس هذا الشخص الأقل مني، انا متواضع"، استفيقوا يا اعزائي، فلو عاد زمن العبودية فلن يكون هناك عبيد غيركم، فانتم مفلسين.

Saturday, January 23, 2016

بيرة منزوعة الكحول


الامل والعجز، هما سبب الانحطاط الاخلاقي، قد يكون الجهل بريئا في تلك المعادلة، فهو ليس الا غياب المعرفة، وهو عنصر محايد بعكس الامل والعجز، فالامل يعطينا رغبة في الاستمرار، والعجز يولد الخوف، فتدفعنا العاطفة التي تنتهك حرمة اخر خلية تعمل بكفاءة في ادمغتنا القذرة.

العاطفة تسير افعالنا، تبرر لنا ما لا يقبله عقل، بل مالا تقبله انفسنا، اسئلة لا اجابات لها تملئ بفراغ لا دليل عليه، وكم انت ساذج ان كنت ترى ان هذا لا يتعدى كونه فكرة، بل اشفق عليك من نفسك، فانت جزء من قطيع اغنام لا تدري متى اصبحت في منتصفه، يمشون فتمشي، ياكلون فتاكل، ويموتون فتموت، لا يميزك سوى رقم الطلاء الذي لا تراه على جلدك، لا تملك من امرك شيئا، رغم ان الابواب مفتوحة، والراعي نائم، ولكنك لا تجرؤ على استبدال خيالك البائس بواقع افضل، فقد تموت وحيدا ولا يبكي عليك احد، استبدلت اسمى ماقد اعطتك اياه الصدفة بحفنة من التبن، حتى تبقى لك ذاكرة في راس خروف آخر، مآله الى مائدة بدوي يحتفي بمولود جديد.

لماذا نرفض الاختلاف، لماذا نتمسك بخيالنا، هل كنا سندافع بضراوة عن خيالنا لو كان حقيقة؟ لماذا نخشى الكلمة اكثر من الخنجر؟ مشاركة الخيال مع الاخرين يعطيك شعورا بالاطمئنان، شعورا بالانتماء والحب والامان، قد ترفض قتل ابنك لو رفع السكين في وجهك، ولكنك سترميه الى الكلاب الجائعة لو هاجم خيالك، انت لا تريد من هذا الخيال سوى اجابة عن المجهول الذي يؤرقك، وماعدا ذلك فهو مجرد تقليد ومسايرة للقطيع، خوفا من الحرمان من الامتيازات التي اعطاك اياها الاخرون، والتي لا تعدل ذرة مقابل ذاتك ونفسك التي قدمتها بيديك الى كلاب الاخرين، يا لضعفك المقرف، تتصنع الاخلاق وتتغنى بالمبادئ التي تحملها، بينما لا تستطيع ان تجد هوية لنفسك، كيف تتغنى بالشجاعة اذا كان مصدرها غيرك، الم تدرك ذلك بعد؟ جرد نفسك من نفسك، ثم حاول ان تضع تعريفا لذاتك الذي توقف عن النمو بعد ان نبت شعر العانة لديك، واصبحت تدرك العيب، واصبحت تعرف لماذا هوية النساء في بيتك مجهولة.

هل تعرف من هو الجبان ومن هو عديم الشرف؟ كلاهما واحد ولكن بمبادئ مختلفة، كلاهما كاذب، ولكن الاول محمود والثاني مذموم، فالاول يكذب مضطرا، والثاني يكذب باختياره.

Tuesday, November 10, 2015

ابن العاهرة

هي عاهرة، كل المجتمع يراها كذلك، رغم انها نتيجة خطيئتهم، تخرج مرتدية ثياب الشرف بعد انتهائها من العمل، بعد ليلة حمراء قضتها مع زبون يردد على اسماعها تلك الكلمة ليشبع غريزته، هي بالنسبة له ليست سوى جسد بلا روح، ولكن هل دفع لها ما يكفي حتى ينكح جسمها وروحها بنفس الوقت؟ ليس هناك مبلغ كافي يستطيع ان يمسح دمعتها بعد ان انتهى ذلك الخنزير من اذلالها، ليس هناك ما يدفعها للاستمرار سوى ابنها الذي ترتشيه بالدمى والالعاب حتى يبتسم، ابنها الذي لا يصادقه احد، ولا يحبه احد، ويحذر كل الاباء ابنائهم من اللعب مع ذلك الطفل الصغير..ابن العاهرة.

لا ذنب لذلك الطفل في ما تفعله امه، ولكنه واقعي، يعلم تماما ان المجتمع لن يغفر له، لو اصبح طبيبا يعالجهم، فهو ابن عاهره، لو اصبح استاذا جامعيا، فهو ابن عاهره، ولو اصبح اشرف شريف وباع نفسه من اجل معاييرهم المتوارثة، فهو لا يزال ابن عاهره، ولكنه ذكي وعرف كيف يجبرهم على ان يغفروا له ذنب امه، هل من احد يستطيع ان يقول للقسيس: صباح الخير يا ابي، يا ابن العاهرة؟

قد تعتقد ان من يصيغ لك مبادئك هو استاذك، او امك او ابوك او طبيبك، او حتى المصرفي الذي يستولي على اموالك، ولكنك مخطئ تماما، من يصيغها لك هو من يملك احلامك دون ان يحققها لك، فلماذا يرغب الطبيب في ان تتعالج من مرضك، اذا كنت تدفع له باستمرار ليطعم اطفاله؟

لبس القسيس اجمل ثيابه، بهرجة لا يضحك على شكلها الا الاطفال والمجانين، وينحني امامها الكبار، صعد على المنبر واخذ يخطب، من اعطاكم الحق لتحددوا مفهوم العهر؟ هل تريدون ان احرمكم من احلامكم؟ اعلموا ان لكل امراة الحق في ان تستخدم جسدها كما تشاء، فإن اردت ان تسلبها شرفها؛ سلبت انا حلمك منك.

إما الشرف او الاحلام؟ قرار صعب الاتخاذ لو كانوا حيوانات، ولكنهم بشر، باعوا الشرف مقابل الاحلام، خرجت النساء في تلك الليلة بلا ثياب، ونام الرجال والابناء في تلك الليلة بعد ان اصبحوا ازواجا لعاهرات، اخوانا لعاهرات، وابناء لعاهرات، وكان اشرف شريف فيهم هو الاب..ابن العاهرة.

Monday, September 7, 2015

أغاية الدين ان تحفوا شواربكم...

طرح عليَّ كثير من التساؤلات، الغرض منها الاستخفاف والتحقير اكثر من البحث عن اجابة فعلية، مجتمعنا يعشق النرجسية حتى لو كان سببها ماليس لنا يد فيه، مثل الاصل او العرق او الدين او الجنسية..الخ، وان لم يستطع الفرد الحصول على تلك الجرعة فسيسعى الى تحقير الطرف المقابل من اجل الحصول على تلك النشوة.

احب كثيرا النقاش، ولكن اغلب من يطلب النقاش هو شخص لا يقرأ، ينسحب او يحاول التحقير والتسفيه غالبا، حفظت تقريبا كل الاسئلة التي يسألونها لي والتي تتكرر بشكل يومي، تختلف طريقة التقديم ولكن الفكرة واحدة، يعتقدون انها جديدة ومنطقية ونتاج تفكيرهم الشخصي، رغم ان جولة سريعة في اليوتيوب تؤكد لك انهم مجرد ببغاوات.

بعض الاسئلة تستحق الاجابة احيانا، حتى ولو بدت للوهلة الاولى سطحية، فطريقة فهم السؤال والوقوف على الحياد سيكشف الكثير، احد هذه الاسئلة التي تطرح: ماذا قدم الملحد العربي، سواء في المجال العلمي او النفسي او الفلسفي..الخ؟

الاجابة على هذا السؤال بسيطة وهي: انا لست مطالبا بتقديم شيء في احد تلك المجالات، ولم ادعي يوما قدرتي على التميز في احدها بسبب افكاري.

ولتبسيط الاجابة سأعطيك مثالا: هل يعقل ان تسأل شخصا نباتيا (لا يأكل اللحوم) ماذا قدم في مجال الزراعة؟ اعتقد ان الصورة اتضحت الآن، المشكلة هي ان الطرف المقابل هو من يدعي ان المنهج الذي يطرحه سيقدم حلولا في شتى المجالات، وهو امر غير صحيح بنفس القياس السابق، لكنه يقدم مغالطة منطقية يقتصر فيها التوصل الى حل على منهجه او المنهج المضاد له، متجاهلا (بقصد او بدون قصد) وجود خيارات اخرى.

هناك الكثير من المؤمنين العباقرة في مجالهم، والكثير من اللادينيين الحمقى، والعكس ايضا، لكن لاحظ ان اساس المشكلة في السؤال هي كلمة "العربي" وهي مربط الفرس هنا، وعندما اقول العربي أقصد بها الثقافة العربية باعتبار كل من يتحدث العربية جزء منها.

العادات والتقاليد لدينا أقوى من الدين، قد ترفض هذا الطرح ولكنه الواقع، البدوي الذي يقول لك (الموسيقى حرام) تجده لا يتحرج من العزف على الربابة وتلحين الاشعار ويتلقى الاعجاب والتصفيق ممن حوله، الفتاة التي يطلب اهلها منها ان تتحجب تكتفي بتغطية رأسها حتى ولو كانت ترتدي ملابس ضيقة وتضع المكياج، التشريعات الدينية التي لاقت قبولا اصبحت عادات وتقاليد، وتأثيرها اقوى بكثير من تأثير الدين، تخيل انه شرعا يجوز للمرأة طلب الاجرة مقابل ارضاع ابنها (على مذهب احمد والشافعي، وليس موضوعنا التأصيل الشرعي انما على سبيل المثال فقط)، لو سمعت ام زوجها العجوز بهذا الكلام، وتم مواجهتها بالادلة الشرعية، هل تعتقد انها ستقبل هذا الكلام، ام سيقابل هذا الطلب بالاستهجان والرفض؟ وليس فقط من ام الزوج بل من المجتمع بشكل عام، ولكن ان اصبح طلب اجرة الرضاع عادة لدى النساء، فسيختلف الموضوع، والمثير للسخرية ان قبول هذه العادة سيكون وقتها مقترنا بطاعة الله ورسوله والخضوع لاحكام الشرع، والنقطة الاخيرة قد تحتاج بعض التشعب ولكننا لسنا بصدد مناقشتها.

الانسان العربي يعاني من النرجسية، ويعاني من قيود المجتمع التي لا تجعله يتصرف كما يشاء، بل كما يشاء الآخرون، انت جزء من القطيع وليس لك حرية الاختيار الا وفق ما يناسبهم، وهو برأيي المعوق الأول للابداع في اي مجال، كم شخص منا سمع والده يقول له: اريدك ان تصبح طبيبا لترفع رأسي امام الناس، هل تعتقد عزيزي القارئ ان هذا الاب سيرفع رأسه امام الناس اذا اصبح ابنه طبيبا بيطريا؟

هذا الانسان الذي يعجز حتى عن ارضاء ذاته، يعجز ان يكون "هو"، كيف يستطيع ان يرضي الآخرين؟ بل كيف يستطيع ان يتسلق قمة هرم الاحتياجات وكل هذه القيود تجذبه الى الاسفل، لاعجب ان يجد هذا الشخص نفسه مفلسا في كثير من النواحي، فلا يجد شيئا يفتخر به سوى ما منت به الصدفة الزمكانية عليه: أصله، عرقه، دينه، جنسيته..الخ

الحل في الحقيقة ليس في ترك الدين او التمسك به، امقت وبشدة من يروج للالحاد او ترك الدين واعتقد انه امر غبي، الحل هو علمانية الدولة وليبرالية المجتمع، وهو ما يرفضه المجتمع العربي ايضا بدافع العادات والتقاليد، والتي يكون الدين جزء منها، فيخرج تاجر الدين ليعارض هذه الافكار ولا يتسبب الا في زيادة رصيده البنكي ومركزه الاجتماعي، وتأخير تقدمنا الذي يلومنا هو -وبكل وقاحة- عليه.

لدي صديقة امريكية تعمل في الرياض، تتعجب من أن بعض الغربيين الذين عاشوا فترات طويلة هناك قد تأقلموا مع البيئة الخليجية، ولكن بشكل سلبي للاسف، تقول (واقتبس كلامها) اختلف عندهم حتى مفهوم الاخلاق والخطأ والصواب بالنسبة لهم، كونوا عادات سيئة جدا، ووصل بهم الامر انهم ينظرون الى الاسيويين والهنود بنظرة دونية (انتهى الاقتباس)، اذا كنت تعتقد ان هذا التأثير يتجه بخط واحد فأنت مخطئ تماما، لاحظ التغيير الذي يحصل على المبتعثين لدى الدول الغربية، والذي اعتبره في كثير من الاحيان تغييرا ايجابيا، ولكنه يضمحل شيئا فشيئا الى ان يكاد يختفي متى ما عاد الانسان الى بيئته السابقة.

لذلك اقول لك: المشكلة ليست مشكلة عقائدية، انما مشكلة البيئة، انت مؤمن وانا ملحد، ولكن كلانا انسان، لست عدوك ولم اتسبب لك بضرر، ورغم هذا فقيودي اعظم بكثير من قيودك.

Friday, August 21, 2015

استقلالية الجمال الداخلي


برايي الشخصي: اذا اردت ان تعرف اخلاق البشر في مكان ما، اقترب من الحيوانات.
واعني ذلك حرفيا، اذا كانت الطيور والقطط تألفك وتقترب منك فهذا دليل ان البشر يعاملون تلك الحيوانات بشكل جيد، وقد يتعجب البعض عندما اقول ان اسمى البشر هم من يعاملون الحيوانات برفق ومحبة، فهم لا ينتظرون منها شكر او تقدير او ان ترد لهم المعروف يوما ما، بل يفعلون ذلك بدافع الحب وهو احد اجمل الاخلاقيات التي قد يتحلى بها البشر.

وعلى النقيض من ذلك، فلا قيمة لاخلاقك اذا كنت تنتظر ثوابا مقابل ان تكون انسانا صالحا، يجب ان تكون الاخلاق نابعة من ذاتك، ان تكون قناعة ونظرة جميلة للحياة، اذا كنت تنتظر الثواب فانت مثل الطفل المزعج الذي يحسن التصرف في وجود الضيوف لان امه وعدته بقطعة من الحلوى، هو مجرد تمثيل، اختلفت المكافأة ولكن المبدا لم يختلف.

اسأل نفسك هذه الاسئلة: ماهي الاخلاق وماهي المرجعية المقبولة لها، لماذا تختلف من مجتمع لاخر، بل حتى من زمن لآخر؟

فكر لوحدك واستنتج لوحدك، في النهاية هي قناعة يجب ان تصل اليها وليست تمثيلية تقوم بها منتظرا قطعة الحلوى..

تحياتي

Thursday, April 30, 2015

المؤامرة الكبرى ضد الاسلام والمسلمين والهوية الاسلامية

صباح/مساء الخير بحسب وقت قرائتك لهذا المقال.

جميع ما سيتم ذكره في هذه المقالة هي آراء شخصية مالم اذكر خلاف ذلك او اذا لم اذكر مصدرا لمعلومة، ويحق للجميع رفضها او قبولها. 

في حسابي على تويتر، والذي اهملته كثيرا في الفترة الاخيرة حتى تم عمل حملة "ريبورت سبام" وتم وقفه، كانت تصلني رسائل كثيرة من الشباب والبنات المسلمين، تتنوع بين محاولات لاختراق الحساب، او دعوة بالهداية او طلب للنقاش وتصل الى التهديد بالقتل.

احدهم كان شابا مصريا، وكان يتضح جيدا من اسلوبه الغاضب انه غيور على دينه، وعلى قيمه المكتسبة التي ترسخ في عقله، صامدة جدا لا تحركها الزلازل الفكرية مهما كانت درجتها، اخذ يشتم ويدعو علي، ولم تسعفه المئة وستون حرفا ليكمل شتائمه، فكتب كلمة اخيرة قبل ان يعمل لي حظر، وهي كلمة لاحظت تكرارها كثيرا جدا، قال لي: معروف ماهو هدفك، ولكن الاسلام باقٍ ولو كره الكافرون.

لماذا اكتب؟ لماذا اعبر عن آرائي؟ باعتقادي الشخصي ولا اجزم، ان هؤلاء الاشخاص يعتقدون ان هدفي هو التبشير باللادينية وبالالحاد تحديدا، وهدم الدين الاسلامي، او تضليل الشباب المسلم وقتل الهوية العربية، ويبررون دوافعي بانني اتلقى اجرا مقابل ذلك، وغالبا تشير اصابع الاتهام الى اسرائيل.

لذا قررت تخصيص هذه المقالة لشخصي ونقد شخصي، وتوضيح بعض الامور التي يجهلها الكثير عني، اولها انني لا اهتم بالنقد اذا كان موجها بهذه الطريقة، رغم انني اعشق ان يوجه لي نقد حاد، فهي فرصة عظيمة للتصحيح وتعلمت بالطريقة الصعبة انه لا يجب علي ان اضيع تلك الفرص، ولكن غالبا هؤلاء الاشخاص لا يعرفونني، قد لا يستطيع مجاراتي بالفكر فيلجأ الى احد الحيل النفسية الدفاعية وللمغالطات المنطقية بقصد او دون قصد، لتبسيط الفكرة بالنسبة له، ثم نقدها بشكل مبسط ويسير ومريح، وغالبا جدا ما يكون النقد موجها الى شخصي 

هل هدفي هو المال؟ 

ما لا يعرفه البعض انني كويتي، ولا اقصد بذلك التعالي او التفاخر بقدر ماهو توضيح لحقيقة انني لا احتاج الى المال، وعندنا اموال "زي الرز" واعيش حياتي برخاء ولا اعاني من القصور المادي بأي شكل من الاشكال، اعيش في منزل كبير وامتلك عدة سيارات ودراجات نارية واسافر سنويا عدة مرات، المشكلة ليست مادية ولكن العقل البسيط يجهل ماهو امامه، والانسان عدو ما يجهل، فيهاجم بأي طريقة كانت.

فهل هدفي هو هدم الدين؟ 

المثير للاهتمام هو ان كثيرا من افراد عائلتي يعتقدون ان ما ينقصني هو الصلاة فقط! ويرددون على مسامعي هذه الجملة كلما دخلت في نقاش ديني معهم "دامك تعرف الدين، ليش ما تسجد لربك؟!"
والدتي امرأة جاوزت منتصف الخمسينات من عمرها، ازداد تدينها في العشر سنوات الاخيرة، واستبدلت اشرطة الكاسيت في سيارتها بالمحاضرات الدينية والقرآن، يخفى على من اتهمني بمحاولة هدم الدين، انني اشتري لوالدتي احيانا اشرطة لقراء -وقد تستغرب عزيزي القارئ- استمع انا لهم وتعجبني تلاوتهم، مثل الشيخ عبدالباسط والمنشاوي والشاطري وغيرهم، ومصحفها الضخم الذي تقرأ منه القرآن يوميا، اشتريته انا لها ليسهل عليها القراءة بعد ان ضعف بصرها، وعلمت ثلاثة اشخاص ايضا كيفية تلاوة القرآن بالمقامات، واستمتع كثيرا بقراءة كتب السيرة واصول الفقه والتراجم وعلوم الحديث، وتحتوي مكتبتي الالكترونية على كتب دينية اكثر من الكتب الفلسفية والعلمية والاخيرة هي الاكثر ندرة لدي رغم اهتمامي الشديد بمتابعة اخبارها.

اذا، بالتأكيد هدفي هو نشر الإلحاد 

الالحاد بحد ذاته هو انتفاء حالة، ولكن يتم تصنيفه كحالة لتسهيل دراسته ونقده، تخيل انك بين مشجعين لنوادي كرة القدم، وتدير ظهرك عنهم لانك لا تشجع أي فريق، وهي كحالة لا يمكن بأي حال من الاحوال الوصول اليها دون قناعة شخصية، وهذا يعني ان مشروع "التبشير" بالالحاد هو مشروع فاشل، فهو موقف فكري وليس دين كما يعتقد الكثيرون خطأً، وعلى عكس الاديان التي يمكنك دخول الكثير منها بسهولة تامة قد لا تتجاوز احيانا الايمان بالفكرة، وبترحيب شديد من اتباعها مصحوبا بالارشاد والتوجيه، هذه القناعة الفكرية لا يمكن الوصول اليها بالدعوة والارشاد انما هي مرحلة يصل اليها الشخص بنفسه، وصدق او لاتصدق انك قد تصل اليها يوما ما كما وصلت لها انا الذي لم اكن اتخيل يوما من الايام ان اصبح مثلهم وكانت ترعبني وتغضبني الفكرة واهاجم اتباعها بقسوة اشد مما يهاجموني بها الكثيرين الآن، ولكن ان وصلت لهذه المرحلة فبالتأكيد لن يكون عن طريقي او عن طريق ريشتارد داوكينز او كريستوفر هيتشنز او سام هاريس او غيرهم، يمكنك الحصول على المعلومات، ولكن كل المعلومات معرضة للنقد وقابلة للصحة او الخطأ ولن يساعدك احد سوى عقلك، ولن يعتمد هذا الشخص الا على نفسه في تحليله النقدي لهذه المعلومات.
والمثير للسخرية انني كملحد لا استفيد معنويا اي شيء اذا اصبح شخص آخر ملحدا مثلي، ليس لدي ميزان حسنات ارتجي ترجيح كفته، ولا تزرع لي نخلة في الجنان اذا كفر احدهم بدينه، ولن يؤثر ذلك في حياتي اليومية مطلقا لا بشكل سلبي ولا ايجابي.

فأذا كان لي هدف، فما هو؟ 

على المستوى الشخصي:
لن اكذب واقول ان النتيجة الفكرية التي انا فيها تعجبني، ولن اقول بان جميع الاسئلة التي ابحث عنها قد وجدت لها اجابات، وكم اتمنى بصدق وبشدة ان اكون مخطئا، احب الحياة كثيرا واتمنى ان اعيد التجربة بعد الموت، ولكن امنياتي ورغباتي الشخصية هي مجرد عاطفة لن تتسبب لي سوى بالانحياز، وابقيها في مكان بعيد عن متناولي عند قرائتي وتعلمي، فأطرح افكاري على الطاولة، واترك للجميع حرية تفحصها وتقليبها او حتى جرحها، فمتى ما وجدت انها خاطئة تركتها فورا، فلا يمكن لشخص ان يتعلم اذا كان يدافع عن افكاره ويحتضنها بشكل عاطفي كما يحتضن ابنته الصغيرة، دون ان يكون هو اول من ينتقدها ويعرضها للنقد ويقسو عليها.

على المستوى العام:
اول امر هو اثبات وجود، نعيش في مجتمع لا يهتم ولن يعالج المشاكل التي لن يراها فأصبح مجتمعا ذو فكر قمعي، والفكر القمعي سبب لي ألما شديدا، حرمني من شريكة حياتي لعدم وجود قانون يسمح بالزواج المدني، رغم ان الزواج بالنسبة لي هو مجرد ورقة احتاجها لتقيم حبيبتي معي في نفس الدولة، الا انني حرمت من ذلك ايضا، ماذا كان ذنبي؟ انني كنت مختلفا، ولا احد يهتم بالمختلفين، ورغم انني ادرك جيدا ان كل ردة فعل ناتجة عن عاطفة هي ردة فعل متطرفة، الا انني وضعت العاطفة جانبا وقسوت على نفسي حتى اصل لنتيجة ترضي عقلي الذي لا يرضى بسهولة، لذلك فانا ادعو الى ليبرالية المجتمع وعلمانية الدولة، وهما نتاج نضال فكري انساني جميل ولكنه للاسف سيء السمعة في بلادنا، فيعتقد الكثير ان هذان المفهومان ليسا سوى دعوة لنزع القيم الدينية لدى الافراد ومحاربة الدين بشكل عام، رغم ان المنادين بهذين المفهومين عندما يفعلون ذلك فقد تجردوا من القيم التي يدعون اليها، وسقطت العلمانية ومعها الليبرالية، والعكس صحيح..والعكس هو الواقع.

اعتذر على الاطالة