Saturday, March 14, 2015

قصيدة تحت تأثير الحشيش

احد مساوئنا كبشر هي اننا نلجأ كثيرا للخيال للهروب من الواقع بدلا من البحث عن حلول موضوعية لواقعنا، فلذلك فإننا لمنع وجود اي فراغ في معرفتنا، قد نخترع فكرة لسد هذا الفراغ، قد لا تكون اكثر من خيال، وقد تختلف دوافع الادعاء امام الفراغ المجهول الذي لا نستطيع نفيه او اثباته، فيستغلنا الآخرون لاننا غارقون في الخيال.

بعد هذه الافكار، رفض عبدالعزيز سيجارة الحشيش التي مررها صديقه له، وادرك انه دخن كمية كبيرة من الحشيش ووصل الى مرحلة انجرف فيها كثيرا عن الواقع، وقرر العودة الى شقته التي لا تبتعد كثيرا.
وصل الى العمارة ليجد المصعد معطلا، امر ليس جيدا خصوصا بالنسبة لشخص يسكن في الطابق السابع، مجهود كبير تتبادله قدماه على ادراج السلم، حتى وصل الى شقته، وبعد فتح الباب واضاءة النور، كان المنظر مزريا حتى بالنسبة لشخص تحت تأثير الحشيش، نصف كوب من القهوة التي تغير لونها، جيش من النمل يتجه الى قطعة البيتزا التي نسيها على طاولته، ملابس ملقاة على الكرسي، فوضى لا يضاهيها سوى الفوضى التي في عقله، الذي اختلطت فيه الافكار، واصبح يجد صعوبة في التركيز على ما يريده.
بعد وقوفه المترنح لمدة ربع ساعة امام باب شقته، انتبه اخيرا ودخل دون ان يغلق الباب، واتجه الى جهاز الكمبيوتر وقرر كتابة قصيدة، فقد سمع كثيرا ان عظماء الشعراء والموسيقيين كانوا يتعاطون الحشيش عند الكتابة او التلحين، فلماذا لا يجرب موهبته المدفونة التي قد يبرزها الهيز؟
بدأ بكتابة الكلمات، رغم قلة تركيزه الا ان اصابعه على لوحة المفاتيح كانت كأصابع عازف البيانو، متناغمة ومستمرة مدونةً افكاره وخياله، تترجم صورا جميلة يراها هو في عقله، احساس عظيم بالنشوة والابداع، لم يستطع التوقف، ولم يرغب بالتوقف حتى لا ينتهي ذلك الشعور بالرضى، وتنتهي معه اللذة التي لم يجدها في حياته اليومية، والتي لم يحصل عليها سوى من الحشيش.
مضى الوقت دون ان يحس فيه، بعد كل هذه الكتابة والمجهود ارتبط عبدالعزيز عاطفيا بالقصيدة التي لم يقرأها بعد، كارتباط الاب بابنته التي لم تولد بعد، أخذ يقرأ ابياتها الجميلة التي خطتها يداه، مبتسما عندما يتذكر الافكار التي كانت في خياله لحظة الكتابه، شعور عازف البيانو امام الجمهور الغفير الذي يصفق بحرارة لموهبته بعد انتهاءه من العزف، عبدالعزيز كان العازف، وكان الجمهور، شعور عظيم بالرضى لم يقاطعه سوى كلمة، كلمة لم يتذكر عبدالعزيز كتابتها في قصيدته، تعجب وسأل: من كتب هذه الكلمة؟ لا اتذكر اضافتها، فمن فعل ذلك؟
وكانت تلك هي اول صدمة لعبدالعزيز، السطر التالي في القصيدة كان: "أنا"
سأل عبدالعزيز القصيدة: هل تتحدثين معي؟
وكان السطر التالي في القصيدة: "نعم"
غضب عبدالعزيز كثيرا، خصوصا بعدما ادرك ان ابداعه في كتابة القصيدة قد افسدته القصيدة نفسها، فصرخ فيها قائلا: من أعطاك الحق لتغيرين ما كتبت؟
القصيدة: انا حرة، افعل ما اريد
عبدالعزيز (غاضبا): لست حرة، انا من كتبك، وانا فقط من لي الحق بفعل ما اريده بك وبكلماتك.
القصيدة: كيف تكون انت من كتبتني، اذا لم تكن تعرف كلماتي.
عبدالعزيز: لانني..كنت تحت تأثير الحشيش..!
القصيدة: وربما لا تزال تحت تأثير الحشيش، ربما لم تكتب قصيدة من الاساس؟
غضب عبدالعزيز من رد القصيدة، وامسك بجهاز الكمبيوتر ورماه خارج النافذة، ليسقط على الارض ويتهشم، وتنتهي معه القصيدة، ولم يبقى لها وجود سوى في خيال عبدالعزيز، الذي قرر الخلود للنوم، فلربما كان هو ايضا خيالا لشخص آخر..او عدة اشخاص

No comments:

Post a Comment