Saturday, March 14, 2015

كذب


صباح الخير / مساء الخير بحسب التوقيت الذي تقرأ فيه هذا الموضوع.
قبل ان ابدأ في الموضوع يجب ان اضع تعريف للكذب، وهو من وجهة نظري: التعمد بالقول او الفعل إخفاء الحقيقة او عرض معلومة تختلف عن الحقيقة.
والكذب من وجهة نظري (التي يختلف معها الكثير) له ألوان، ولونه يعتمد على النية غالبا، ومثال على ذلك حادثة حصلت معي شخصيا، أصبحت ووجدت والدتي حزينة وتبكي وهي تتصفح صور جدتي المتوفاة بهاتفها (وكان ذلك بعد ايام قليلة من وفاة جدتي)، فخطرت لي فكرة وجلست بجانبها وتظاهرت بأنني لا اعرف ماذا يحدث وسألتها، فانحنت بجانبي واخذت تريني الصور (وكانت صورا في الايام الاخيرة لجدتي في المستشفى)، فقلت لها: "تصدقين البارح حلمت فيها لابسة اخضر وويها ينور وكانت بغرفتها ومستاااااااانسة" ونجحت هذه الجملة في ان تخطف عيني والدتي من هاتفها الى عيوني انا، وكأنها تعرف ان لغة العيون لا تكذب وتريد التأكد من كلامي، ولكن ثقتي بنفسي كانت أكبر فصدقتني فورا واختلطت دموعها بابتسامة فرح شديد واخذت تتذكر وتقول "اهي كانت دايما تصلي وتصوم وتقرا قرآن" ..الخ واخذت تتذكر وتنظر للسقف وقد حضنت هاتفها وتردد "الحمدلله يارب" وفرحت كثيرا..رغم ان وجهها كان لا يزال مبللا بالدموع.
كمية السعادة التي استطعت ان ازرعها فاقت ما تحتاجه والدتي وانتقلت إلي أيضا، احسست بشعور رائع، ولم اتسبب بضرر لأحد بل على العكس زرعت سعادة، رغم ان مصدرها كذبة، وقل ما شئت عني الا انني اراها كذبة بيضاء ولو كنت في نفس الموقف والظروف، سأعيد مثل هذه الكذبة..

وقد يظن القارئ انني سأتابع كلامي عن النوع الآخر من الكذب او ما يسمى بالكذبة السوداء والتي تتسبب بالضرر للآخرين، ولكن هذا ليس هدفي، فكلنا متفقون ان الكذب بهذه الطريقة هو أمر سلبي، انما تركيزي على كذب يقع في منطقة بين الاثنين، ربما نقول عنها رمادية والتي غالبا يكون الهدف منها الحماية الشخصية سواء المعنوية او الفعلية.

أيام احتدام المنافسة بين النادي العربي ونادي القادسية، وفي أواخر التسعينات دخلت مرة مع صديق لي الى جانب مشجعي النادي العربي (وانا وصديقي قدساوية [Smile] ) وذلك لعدم حصولنا على تذاكر الا في جانبهم، ومن محاسن الصدف اننا لم نحصل على "فنايل" نادي القادسية من المحلات المجاورة لنادي القادسية بمنطقة حولي لنرتديها فبقينا بملابسنا العادية متخفين كالجواسيس بين جماهير العربي، نشجع القادسية في سرنا ولكننا نخفي ذلك خوفا من ردود الافعال، خصوصا بعد خسارة العرباوية وغضبهم العارم وسخطهم، وأخفينا فرحتنا بالفوز حتى خرجنا واختلطنا بالقدساوية.
وهذا نوع من انواع الكذب، رغم اننا لم نتسبب بالضرر لأحد، وفي نفس الوقت لم نسبب سعادة لأحد، لذلك ارى ان التصنيف الانسب هو الرمادي.

وبعد هذه السنوات؛ وجدت نفسي اتحاشى بشكل قاطع اي كذب قد يتسبب بالضرر على الآخرين، رغم انني كنت امارسه بحسب الظروف وذلك بغرض فرض الشخصية فقط ولمن يبادر بالتسبب بالضرر لي فقط، الا انني بدأت بالتدريج بتقنين هذه العادة حتى تخلصت منها تماما، وأعني ذلك حرفيا.
بقيت الآن امام الكذب الرمادي، الذي لا ازال امارسه، ولا يزال يمارسه الكثيرين، الا انني وجدت في الكذب الرمادي شيئا سلبيا جعلني اقرر ان اتخلص منه هو الآخر، وهو انه يضعف شخصيتك، فلا يكذب بهذه الطريقة الا الخائف او المنافق، ورفضت كمبدأ ان اكون احد الاثنين فضلا عن ان اجمع بينهما، واصبحت اقنن (ولا ازال) من هذا النوع السيء، فلا انافق ولا اخاف، وقد يظن البعض انها حيلة عقلية، وللامانة فقد صنفني احد الاشخاص ودخلت معه بنقاش مطول في الموضوع، واستخلصنا ان ما اقوم به هو فعلا رفض لموقف الخوف والنفاق وليس حيلة عقلية، وهو ما يعطيني (ويعطي اي شخص يضع نفسه في نفس الموقف) قوة شخصية عظيمة.

فماذا يحدث الآن وبعد هذا كله؟ ماهي النتيجة التي خرجت بها بعد قرار التقنين والتخلي عن الكذب؟ 
استطيع ان اقول انني خسرت الكثير، ولكنني برغم ذلك..مرتاح جدا
تحياتي

No comments:

Post a Comment