Sunday, March 15, 2015

حجاب

المشكلة مع المؤمن هي ان النقاش غالبا جدا ما يكون متحيزا، فهو يدافع عن فكرة وجود الاله لرغبته في وجود ذلك الإله، او لانه لا يملك خيارا آخر، تماما مثل فتاة كنت اكلمها مرة وقالت لي انها تحجبت برغبتها الشخصية، فسألتها: لو خلعتي الحجاب، فهل ستحدث لك مشاكل؟ فلما كانت اجابتها نعم، انتفى الاختيار واصبحت مجبرة، الا انها تستخدم حيلة عقلية اما لارضاء ذاتها او غرورها او لأي سبب كان، لتقنع نفسها بأنها هي من تريد ارتداء الحجاب باختيارها، ولكنها تعلم جيدا ان هناك حقيقة تخالف كلامها فقررت دفنها عميقا بداخلها،وهي ان المسألة ليست اختيارية، وان السوط ينتظرها متى ما قررت ان يكون حجابها خيارا تستطيع تبديله.
فهل يمكن للمؤمن ايضا ان يقول عن نفسه انه مؤمن بقناعة واختيار؟ اجد صعوبة شديدة في تصديق ذلك، فكثير منهم كان حين يناقشني يقول انه مؤمن بقناعة واختيار، الا انه يفشل في مجاراتي فيقول انه ليس عالما في الدين، لينسحب من النقاش.
واتعجب حقيقة من هذا الطرح الذي لا ينطلي علي وهو ليس سوى انسحاب بداعي الخوف، كيف تكون مؤمنا بقناعة واختيار ان لم تكن عالما بهذا الدين؟ قل لي ما الذي اقنعك فيه بالضبط حتى تدخله؟ والسؤال الاهم من هذا كله هو: هل تتذكر تلك اللحظة التي قررت فيها اعتناق الدين؟
ثم اسأل نفسك: هل ستحدث لك مشاكل ان قررت ترك الدين؟ لاختصار الوقت سأجيبك بنعم: فستواجه رفضا عاصفا شديدا من المجتمع، وتهديدا تشريعيا يصل الى القتل، الى جانب وعود مرعبة بالخلود الابدي في النار والطرد من رحمة الله لمجرد تبني هذه الفكرة ولو كانت على سبيل المزاح او حتى التجريب.
لهذه الاسباب هناك فراغ فكري وفجوة كبيرة بيني وبينك، فأنا وعلى عكسك، يمكنني التخلي عن فكرة الإلحاد متى ما ثبت لي انها خاطئة، دون تحمل اي عقوبات بل على العكس تماما؛ هناك مغريات اكثر تنتظرني وشهرة وتقدير وإجلال متى ما قررت لعب دور التائب الذي ينشر قصته، كما فعل مصطفى محمود وفاضل السامرائي وغيرهم، ولكني أربأ بنفسي ان اكون منافقا كذابا، وان اتخلى عن صديقين صاحبتهما في رحلتي، وعاهدتهما ان لا اخذلهما او اتركهما يوما: العقل والحقيقة.
ولعل أكثر ما يفسد حكمك في المسائل العقلية هو عاطفتك، فعواطفك هي غالبا ترجمة لرغبات او مخاوف او شكوك، والعاطفة في المسائل العقلية هي في غير محلها، فهي جميلة في حال قررت تقبيل من تحب، ولكنها كالزيت في الماء متى ادخلتها في نقاش ترتجي الوصول من وراءه الى حقيقة، فإن لم تتسبب بالضرر فهي لن تفيدك حتما، وسيفسد حكمك متى ما قررت التحيز عاطفيا لجانب دون الآخر.
واتمنى ان ترى الآن انك ايضا ترتدي حجابا؛ لا على رأسك انما في رأسك، يغلف عقلك ويغطيه، ترتديه مجبرا وتقول لي بعد ذلك انك تفتخر به، مع انك لست من اختار ارتدائه، بل فعلت ذلك والدتك بعد ان خرجت في رحمها وصاحت في اذنك وانت طفل رضيع قائلة: الله أكبر.

No comments:

Post a Comment